الفيلة
الفيل هو واحد من أكبر حيوانات اليابسة حجماً في شتّى أرجاء العالم، وهو كائنٌ ينتمي إلى مجموعة الثدييات (نفس المجموعة التي تضمُّ القطط والكلاب والقردة وحتى البشر)؛ حيث يعتبر الفيل الإفريقي أكبر نوع من الثديِّيات يعيش على اليابسة. تعيش الفيلة في قارتي آسيا وأفريقيا، وقد كانت مُنتشرةً على نطاقٍ واسعٍ في هاتين القارَّتين حتى القرن العشرين، عندما تسارع صيدُها بنسبة عملاقة للاتجار بأنيابها العاجيَّة.
مع أنَّ جماعات الفيلة في بعض المناطق آخذةٌ بالاستقرار أو النموِّ الآن، إلا أنَّها تُعتَبر نوعاً مُهدَّداً بالانقراض، بسبب صيدها واستهدافها المُستمرِّ في العديد من البُلدان. يتميَّز الفيل بضخامة جسده، وآذانه الكبيرة، وخرطومه الطويل مُتعدِّد الاستعمالات، والذي يستفيد منه لحمل الأشياء أو رشِّ الماء أثناء الاستحمام أو حتى كبوقٍ لإصدار الأصوات المُرتفعة.[?]
تنقسم الفيلة في العالم إلى نوعَيْن أساسيَّين، هُما الفيلان الآسيوي والأفريقي، واللَّذين يختلفان عن بعضهما في جوانب عدَّة؛ فالفيل الآسيويّ أصغرُ حجماً بمقدارٍ مُعتبرٍ من النوع الأفريقي، كما أنَّ آذانه صغيرة الحجم جداً مقارنةً بالأذنين العملاقتين للفيلة الأفريقيَّة، عدا عن ذلك، تفتقر مُعظم الفيلة الآسيويَّة إلى الأنياب الكبيرة المُميَّزة، فالأنياب عندها لا تُوجد سوى عند الذكور، وليس عند جميعهم، وإنَّما لدى نسبةٍ مُعيَّنة منهم فحسب، وأمّا الفيلة الأفريقيَّة فلديها جميعاً أنياب، بما فيها الذكور والإناث. عندما يمتلك الفيل أنياباً، فهو يَميل في العادة إلا استخدام واحدٍ من نابَيْه أكثر من الآخر، وعندها يكون الناب الأكثر استخداماً أصغر في الحجم، بسبب استهلاكه وتآكل أطرافه.[?]
الخصائص الأحيائيَّة
يزن ذكر الفيل الأفريقي البالغ (هو أكبر حجماً من نظيره الآسيويّ) حوالي 7.5 أطنان، أو 7,500 كيلوغراماً، وأما أكبر فيلٍ تمَّ تسجيله في التاريخ فقد وصل وزنه إلى 10,890 كيلوغراماً، وأمّا ارتفاعه فقارب أربعة أمتارٍ كاملة عند الكتف. تعيش الفيلة الآسيويَّة في غابات الأشجار الخفيضة والأدغال المطيرة، وكثيراً ما تنتشر حول الأنهار في المواسم الجافَّة، وأمّا تلك الأفريقيَّة فهي تُفضِّل الغابات المُنخفضة أو الجبليَّة والسهول الفيضيَّة وسهول السافانا. يستهلك الفيل كميَّاتٍ كبيرةً من الطَّعام، حيث يتناول ما يتراوح من 75 إلى 150 كيلوغراماً من الأعشاب وأوراق الشَّجر واللِّحاء والثّمار كلَّ يوم، وهو ما يُعادل حوالي 5% من وزن جسم الفيل البالغ، ولذلك فيُمكن أن تقضي 15 ساعة من يومها بالأكل فحسب.[?]
تمتاز الفيلة بأذنيها الكبيرتين، واللَّتين تستفيد منهما كمروحتين لتحريك الهواء وتهوية جسمها في الأيَّام الحارة، كما أنَّ جلدها سميكٌ جداً، حيث يُمكن أن تصل ثخانته في بعض أجزاء الجسم إلى 2.5 سنتيمترات، وهو فضفاضٌ بقدرٍ عالٍ، ممَّا يجعله يبدو كثير التجاعيد، إلا أنَّ ذلك في الحقيقة مُفيدٌ للفيل؛ لأنَّه يُساعد في الحفاظ على الرطوبة مُدَّة أطول على الجلد قبل أن تتبخَّر في مواسم الجفاف.
يشتهر الفيل بخرطومه غريب الشكل، وهو عبارةٌ عن خطمٍ طويلٍ جداً وخالٍ من العظام، وله قُوَّة عضليَّة هائلة تُمكِّنه من إسقاط الأشجار من جذورها، ويُمكن أن يستخدمه الفيل ليشرب، لكنَّه لا يسحب الماء عبر خرطومه حتى جوفه، وإنَّما يستعمله كوعاءٍ لنقل الماء من البركة أو النهر ومن ثمَّ الإلقاء به داخل فمه. وأما أنياب الفيل فلها استعمالاتها أيضاً، فمن المُمكن أن تكون وسيلةً للدِّفاع ضدَّ الحيوانات الأخرى، أو حفر الأرض بحثاً عن الطعام، أو رفع بعض الأشياء.[?]
الحياة الاجتماعية
عند بداية القرن العشرين، كان يعيش في العالم حوالي 100 ألف فيل آسيويٍّ وعدَّة ملايين من الفيلة الأفريقيَّة، لكن نتيجة الصَّيد الجائر لهذه الكائنات سعياً لأنيابها العاجية، وبسبب تدمير بيئتها الطبيعيَّة وتنافس البشر معها على موائلها، فقد تقلَّصت هذه الأعداد الآن إلى 35,000 فيل آسيويٍّ و450,000 إلى 750,000 فيل أفريقي.
تُعتبر الفيلة حيواناتٍ اجتماعيَّة جداً، فإناث الفيلة تتجوَّّل دائماً في قُطعانٍ عائليَّة ذات روابط وثيقة، وقد تتألَّف هذه القُطعان ممَّا لا يتعدى 8 أفيالٍ وحتى 100 فيل، بناءً على النوع والمنطقة. تقود القطيع الأنثى الأكبر سناً فيه، ولأنَّ الفيلة تمتاز بذاكرة قويَّة قد تستمرُّ لسنواتٍ عديدة، فإنَّ القائدة عادةً ما تتمكَّن من مُساعدة قطيعها على بُلوغ أماكن رطبة تتذكَّرها من الماضي في مواسم الجفاف، حتى ولو كانت على مسافة عشرات الكيلومترات من مكانها الحالي.[?]
اسم صغير الفيل
يُسمَّى صغير الفيل في اللُّغة العربيَّة الدَّغْفَل.[?] لا تلتقي إناث الفيلة بالذُّكور إلا للتزاوج تقريباً، فالذكور يتصارعون معاً للحصول على الإناث، وهي معارك عادةً ما يفوز فيها الذكور الأكبر عُمراً لقُوَّتهم وضخامة أحجامهم، ويفترق الذكر عن الأنثى بعد التزاوج مباشرة. تحمل أنثى الفيل بالدغفل (الصَّغير) فترةً تقدّر بحوالي السنتين، أو 20 إلى 22 شهراً، وهي أكبر مُدَّة حملٍ مُسجَّلة في مملكة الحيوان.
تكون أنثى الفيل القائدة شديدة التعلّق بصغارها، فهي شديدة الحرص عليهم، وتدافع عنهم إذا ما تعرّضوا للمخاطر، وتكون مُهمّة حماية الصِّغار مشتركة بين كافة أفراد القطيع، فإذا لم يكن لدى الأنثى صغيرٌ خاصٌّ بها، فهي عادةً ما تهتمُّ بصغار الفيلة الأخرى وكأنَّهم لها. يأكل الصَّغير كميَّات كبيرة من الطعام، فهو قادرٌ على شُرب حوالي 35 لتراً من الحليب كلَّ يوم. لم تأت المسؤوليَّة المُشتركة لحماية دغفل الفيل من فراغ، إنّما لأنَّ صغار الفيلة - كما يعتقد بعض العُلماء - تتميز بأنَّها ضعيفة إلى درجة كبيرة، وتفتقر إلى القدرة على القيام بالعديد من المهام الحيويّة.[?]
تُعتبر الرَّابطة بين أنثى الفيل ودغفلها من بين أقوى الرَّوابط في الطبيعة، فهي تلزم جوارها لسنين طويلة، ولو كان صغير الفيل أنثى، فهي - على الأرجح - لن تفترق عن أمِّها حتى وفاة إحداهما، إلا أنَّ الدغفل الذكر أقلُّ ارتباطاً بأمِّه، فمع أنَّه يبقى بقُربها طوال سنواتٍ من حياته، إلا أنَّه عندما يصل سنَّ البلوغ - هي في العادة حوالي 12 عاماً - يُصبح أكثر إزعاجاً من أن تتحمَّله إناث القطيع، فهو يكتسب رغبةً عاليةً بالقتال والتصارع مع الفيلة الأخرى أو مُحاولة التزاوج معها، وعادة ما تُبعده أمُّه وقائدة القطيع عن باقي الفيلة عندما يحدث ذلك، حيث يستمرُّ على هذه الوتيرة حتى يُطرَد من القطيع. تعيش الفيلة الذكور وحدها بعد أن تترك قطيعها، ولا تلتقي الإناث إلا للتزاوج.[?]