كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر هو أحد الكتب التاريخية الكبرى التي تركها علماء التاريخ الإسلامي ووصلت إلينا بصورة شبه كاملة، وهذا الكتاب لمؤلفه أبو الحسن على بن الحسين بن علي المسعودي، والمشهور بالمسعودي نسبة إلى عبد الله بن مسعود الذي يعد أبو الحسن من ذريته. ولد المسعودي ببغداد وتقلى تعيمه بها، ثم انتقل منها إلى العديد من الدول إلى أن ستقر بمصر، وتوفي في مدينة الفسطاط التي تعد جزء من القاهرة اليوم.
أمّا عن الإنجازاتت العلمية للمسعودي، فهو يعدّ أحد أبرز الجغرافيين والرحالة والمؤرّخين المسلمين الذين ذاع صيتهم، ويعد كتابه مروج الذهب من أهم المصادر التاريخية التي يشتغل بها الباحثون في التاريخ الإسلامي وتاريخ المنطقة في آخر العصور الوسطى الإسلامية، لقد زار المسعودي العديد من البلدان مثل بلاد فارس والهند وسيلان (سريلانكا) والمناطق المتاخمة لبحر قزوين، ومناطق جنوب شبه الجزيرة العربية والشام ورومية، وبذلك يكون المسعودي قد زار أغلب المناطق المتحضرة مع القوافل التجارية في غرب وأواسط آسيا، إضافة إلى أوروبا. أما عن ترحاله في إفريقيا فقد زار المسعودي منطقة الشمال الإفريقي بأكملها التي تضم مصر وليبيا التي كانت تعرف قديماً بإقليم برقة، ودول المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب، كما زار المسعودي السودان. وكتب المسعودي عن الدول التي زارها في رحلاته وحاول وصفها كغيره من الرحالة الذين اهتموا بذكر أهم المعالم والعادات والتقاليد التي يعيش عليها الناس في المناطق التي زارها، وتعد تلك الكتابات هي بذرة مبكرة لعلوم الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا لأنه ضمن ما ذكره وصف الأجناس والصفات الجسمانية إلى جانب المأكل وطريقة الملبس وبناء المساكن.
أما كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر فقد اعتمد في كتابته على المنهج الذي سار عليه جميع المؤرخين المسلمين وهو ذكر الأحداث منذ بدء الخليقة وحتى الزمن الذي يعيش فيه المؤرخ، فانتهى الكتاب بعهد الخليفة العباسي المطيع لله أو عام تسعمائة وثلاثة وسبعون هجرية، وكان المؤرخون يعتمدون التاريخ الهجري في تدوين الأحداث والحوليات كما قام المسعودي بإيراد العديد من الروايات الشعبية والأساطير التي يتناولها الناس حول العديد من الأحداث والقضايا والأماكن، قد يؤخذ على المسعودي أنه لم يراعي تقصي الدقة في ذكر العديد من الأحداث فكان للإسرائيليات مكان كبير في كتاباته، ورغم ذلك فإن ذلك الكتاب كان معبر عن الفترة الزمنية التي عاشها المسعودي والقضايا العلمية والفكرية التي اهتمت بها الشعوب، وكان غرض المسعودي من كتابة كتاب في التاريخ هو أخذ العظة والعبرة كحال كل علماء المسلمين القدامى.