في العالم العديد من اللُغات القديمة التي تتحدث عن شعوب عاشت فيما مضى على نفس بُقعة الأرض التي نعيش عليها وعن حضارات بُنيت وعن أحداث حصلت كانت ذات الأثر العميق على حضارت وشعوب العالم الحديثة. تتطورت هذه اللغات القديمة عن لغات أخرى أقدَّم منها وتطورت عنها بعض لغُات العالم الحديث وهي اللغات التي نتحدث بها الآن، والبعض الآخر منها إندَّثر وبقيت علاماته وكتاباته على جدران المعابد والبنيان الآثريَّة.
من هذه اللغات اللغة الهيروغليفيَّة (أو بالأحرى اللغة المصريَّة القديمة حيث أنَّ الهيروغليفيَّة تطلق على نظام الكتابة المتبعفي تلك الفترة) التي كان يتحدث بها الفراعنة والتي بقيت آثارها على جدران الأهرمات والمعابد والأعمدة، وعندما قَدِّم العرب إلى مصر عملوا على إلغاء الحضارة الفرعونيَّة و على تعريب لغتهم الهيروغليفيَّة فلم يعد أحد يستخدمها لا كتابة ولا قراءةً ولا في الكلام. ولم يبقى منها إلا بضعة كلمات وعبارات محدودة يستخدمها أهل مصر إلى الآن مثل كلمة ست و التي تعني سيدَّة وكلمة إدي التي تعني أعطي وقلَّة قليلة آخرى من الكلمات.
أمَّا عن أصل تسميتها بالهيروغليفيَّة فهي تأتي من الكلمتين اليونانيتين هيروس Hieros وجلوفوس Glophos وهي تعني الكتابة المقدسة إشارة إلى أنَّها كانت تُكتب على جدران المقابر والمعابد. لكن التسمية باللغة المصريَّة القديمة لنظام الكتابة هذا هو الميدو نتروا وهي التي تعني أيضاً بالكتابة أو النقش المقدَّس أو العلامات و دلائل الروحانيَّة. ونظام الميدو نتروا يستخدمه الباحثون في نظام الكتاب ليُشيروا إلى الفئات الأخرى التي تستخدم نفس نمط الكتابة كتعرف ما هو الحال لدى شعوب المايا والكتابة الصينية القديمة، حيث تشترك هذه الحضارات بأنَّها تعتمد على النقوش التصويريَّة في الكتابة.
تُعد الكتابة الهيروغليفيَّة حجر البناء لمُعظم الكتابات التي تلته، ومنها الخط السيناوي الأول الذي بنى بعده الكتابة اليونانيَّة القديمة والكتابة القبطيَّة ومن ثم الكتابة الرومانيَّة وبعدها الآوروبيَّة. بمعنى أنَّ الكتابة الهيروغليفيَّة ساعدت في بناء الحروف الأبجديَّة في العالم.
تنقسم اللغة المصريَّة القديمة إلى أربعة أنواع من الخطوط التي تشكلت بشكل تدريجي منها للاختصار والتبسيط في الكتابة: الهيروغليفيَّة والهيراطيقيَّة والديموطيقيَّة والقبطيَّة. وتتم الكتابة بشكل رأسي وأفقي، وهي تُكتب من اليمين إلى اليسار في العادة، ولكن في بعض الأحيان يتم تغيير اتجاه الكتابة من اليسار إلى اليمين اعتماداً على الشكل الذي يكون عليه البناء والشكل الجمالي. لكن نمط الكتابة الهيراطيقيََّّة والديموطيقية. ويتم تحدَّيد اتجاه القراءة للكتابة المصريَّة القديمة بحسب اتجاه وجه الإنسان والحيوانات في الرسوم.