غزة أو قاهرة الغزاة كما أسميها بصمود شعبها الأسير وثباته على الأرض التي تم تحويلها إلى معتقل كبير بفعل الحصار الذي فرض عليها منذ سنوات، غزة من أقدم المدن العربية ، لم يعرف السبب الحقيقي من وراء تسميتها بـ غزة وذلك لكثرة التبديل التي طرأ على المدينة من ناحية تسميتها وفق الأمم التي حكمتها ، فقد أطلق عليها الكنعانيين إسم ( هزاتي ) ، أما الفراعنة المصريين فقد سموها ( غزاتو ) ، الأشوريين واليونان أسموها ( فازا و عزاتي ) ، أما العبرانيين فقد أطلقوا عليها إسم ( عزة ) ، و عند الصليبيين فقد كانت تسمى بـ ( غادرز ) ، أما الإنجليز فقد أطلقوا عليها اسم ( كازا ) ، وعند الأتراك بقيت على حالها بالعربية ( غزة ) ، واختلف المؤرخون في سبب التسمية كتعرف ما هو حالهم في دراستهم للمدن الرقديمة وتسمياتها باستمرار ، فمنهم من رجح التسمية إلى المنعة والقوة ، وآخرين إعتقدوا بأن غزة تعني ( الثروة ) ، وهذا سبب اطلاق هذا الإسم عليها ، ورجح آخرون على معنى ( المختصة أو المميزة ) بصفات خاصة تميزها عن سائر المدن وهذا هو السبب في إطلاق إسم غزة عليها .
أسست المدينة على يد الكنعانيين في القرن ألـ 15 قبل الميلاد ، ولم يقرأ في التاريخ بأن المدينة قد حظيت بحكم مستقل ، لأنها كانت على الدوام عرضة للصراع ، وبسبب وقوعها الدائم في براثن الإحتلال ، ومن الأمم التي قامت بغزو المدينة الأغريق والرومان والفراعنة والبيزنطيون والعثمانيين والبريطانيين ، والآن ترزح تحت نيران الإحتلال الإسرائيلي .
ذكرت المدينة للمرة الأولى في القرن الخامس عشر قبل الميلاد في مخطوطة للفرعون ( تحتمس الثالث ) ، ويطلق عليها العرب ( غزة هاشم ) ، لأن ترابها يضم قبر جد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ( هاشم بن عبد مناف ) ، وهي مسقط رأس الإمام الشافعي ، سيطر الأوروبيين عليها في فترات الحملات الصليبية على الشرق والتي كانت تستهدف فلسطين والقدس بشكل خاص ، ولكنها تحررت عقب معركة حطين التي قادها صلاح الدين الأيوبي وانتصر فيها على الصليبيين وحرر بيت المقدس ليمحي أثر الصليبيين في كل رقعة بسطوا نفوذهم عليها ، ومنها المدينة ، وشهدت المدينة إزدهارا ملحوظا خلال فترة الحكم العثماني ، لكنها وقعت في أيدي البيريطانيين إبان الحرب العالمية الثانية ، تولت بعدها مصر إدارة أراضي القطاع بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948م . ووقعت بعد النكسة التي حدثت عام 1967م في أيدي الإسرائيليين . ليتم تحويلها بفعل معاهدات السلام إلى السلطة الفلسطينية ، ولكن الصراع بين الفصائل الفلسطينية جعل المدينة تقع ضحية هذا الصراع ، ويأتي بعدها الحصار الذي تم فرضه على القطاع من قبل إسرائيل ومصر ، وفي الفترة الأخيرة قام الإحتلال بعملية هجوم على المدينة ليسقط عليها جام حقده و يرتكب العديد من المجازر والتي حصدت الآلاف من الأرواح هناك ، ولكن أهل غزة منذ القدم يشتهرون بعنادهم وصمودهم ، وهذا ما كان من أمرهم في مواجهة تلك الآلة الدموية الحاقدة ، والتي قوبلت بصمت عربي مخجل ، وحصار من الشقيقة مصر معيب ليكتمل مشهد الموت والدمار على تلك المدينة الصامدة .