نادرون هم العرب المتميزون في هذا العصر، فلقد عانى الشعب العربي من إهمال حكومي، إضافة إلى سيطرة العقل الجمعي الذي سبب له الويلات والنكبات حيث يتميز هذا العقل بسيطرة المواريث البالية وعدم السعي إلى التطوير والراحة وعدم المساهمة في دوران عجلة التقدم في البشرية، فقليل جداً هو ما أضيف من العربي إلى خزينة المعرفة والعلم والثقافة العالمية في هذا القرن والقرون السابقة، فاختفاء العقل النقدي التواق للعلم والمعرفة سبب لهذه الأمة الويلات، وقد جاء اختفاؤه بدرجة رئيسية بعد السيطرة العثمانية على المسلمين والعرب، فالعثمانيون يتميزن بقوتهم العسكرية، ولا شك من وجود نقاط مضيئة خلال حكمهم للمنطقة، لا تخفى على القاصي والداني ولكن من أبرز سلبيات حكمهم هو توقف الإنتاج العلمي في الدول العربية والإسلامية، أما حالياً فقد ازداد الوضع سوءاً نظراً لسيطرة المشاكل وعيوب المجتمعية من فقر وبطالة على أوطاننا إضافة إلى ظهور العنف والتطرف، مما يجعل هذه البيئات غير صالحة لتحقيق أي تقدم علمي أو أي تقدم آخر، فعندما يسد الانسان احتياجاته الأساية من أكل وشرب وجنس وغيرها، يرقى تفكيره وتتطور ملكاته ويصبح منتجاً ويضع بصمته في التاريخ الإنساني.
ولكن لكل قاعدة شواذ فلقد شذ عن هذه القاعدة أو عن المجموع العام للأمة العربية عدد من العظماء في هذا العصر الحالي الذين تحدوا كل الصعوبات ونجحوا على مستوى أوطانهم ابتداءً ثم على مستوى أمتهم ثم على المستوى العالمي ومنهم الدكتور والعالم المصري الجليل أحمد زويل المولود في العام 1946 ميلادية في مدينة دمنهور المصرية ثم انتقل إلى المدينة المصرية دسوق ليعيش فيها مع أسرته، تلقى تعليمه الابتدائي فيها، ثم الثانوي ثم أكمل تعليمه الجامعي وحاز على درجة البكالوريوس بمرتبة الشرف في الكيمياء من جامعة الاسكندرية، ثم أكمل الماجستير فيها، ثم انتقل إلى أمريكا لإكمال الدكتوراة في الليزر.
حصل الدكتور أحمد زويل على جائزة نوبل في العام 1999 ميلادية، حيث أوصل العالم لزمن الفيمتو ثانية، وهو الإنجاز البشري الهائل الذي سجل باسمه وارتبط به، فهذا الزمن هو 10^-15 من الثانية الواحدة، فلقد استطاع مراقبة التفاعلات الكيميائية التي تحدث في هذا الزمن في جزيئات المواد عن طريق اختراعه لميكروسكوب يصور الأشعة في زمن الفيمتو ثانية.
للدكتور زويل منشورات علمية كثيرة ومنشورات في مجالات أخرى فهو صاحب كتاب حوار الحضارات وغيرها من المؤلفات، وله إسهامات واضحة في الدعم العلمي في الوطن العربي ومصر، فقد أسس في مصر المشروع القومي للعلوم والتكنولوجيا، وهي مبادرة منه تسهم في استقطاب الكفاءات من مصر للدراسة والأبحاث لتطوير العلم العربي والمصري.