وقعت معركة ( بلاط الشهداء ) أو كما تعرف بمعركة ( بواتييه )، في الدولة الفرنسية، وتحديدا بين كل من مدينة بواتييه ومدينة تور، ودارت أحداثها في عام 732 للميلاد، بين قوات مسلمة وهي التي تحت لواء ما يعرف بالدولة الأموية آنذاك؛ حيث ترأسها القائد (عبد الرحمن الغافقي) الذي كان واليا للأندلس، وبين قوات الفرنجة وأيضا البورغنديين؛ حيث ترأسها القائد ( شارل مرتل )، وانتهت هذه الحرب بانتصار الفرنجة على العرب المسلمين، حيث تم انسحاب الجيش العربي، وذلك إثر مقتل القائد المسلم عبد الرحمن الغافقي .
لقد اعتبر مؤرخو القرن التاسع الميلادي، والذين هم من الفرنجة، بأن انتصار الفرنجة على المسلمين في هذه المعركة إنتعرف ما هو يعتبر حكما إلهيا لهم، مما جعل قائد هذه الحرب الفرنسي شارل مارتل يمنح لقبا مميزا وهو ( martellus )؛ حيث يعني هذا اللقب (المطرقة). لم يستطع المؤرخون أن يحددوا بدقة موقع هذه المعركة، ولا حتى أعداد المقاتلين المشاركين من كلا الطرفين، ولكن المعلومة الدقيقة التي استطاعوا تحديدها والوصول إليها هو فوز الفرنجة نصرا ساحقا، على الرغم من عدم وجود السلاح لديهم المعروف بـ (سلاح الفرسان).
ونجد أن المؤرخين، المسيحيين منهم، قد عدوا قائد الفرنجة شارل مارتل هو بطل المسيحية المطلق؛ حيث اعتبرت هذه العركة هي نقطة حاسمة كانت لمحاربة الفتوحات الإسلامية، وهي المعركة التي من شأنها الحفاظ على الديانة المسيحية كديانة للقارة الأوروبية كاملة، ونجد ( فيكتور ديفيس هانسون ) -وهو مؤرخ عسكري من المؤرخين الذين أرخوا للأحداث والحروب التي حصلت في القرن الثامن عشر للميلاد وفي القرن التاسع عشر- يؤكد بأن معركة بلاط الشهداء كانت السد المنيع في وجه المد الإسلامي الذي كان سيحصل في أوروبا، ونجد أن ( رانكه ) قد ذكر بأنها علامة فارقة، وبأنها "من أهم الحقب في تاريخ العالم" .
إن بعض المؤرخين الحديثين قد اختلفوا على أهمية وفائدة هذه المعركة، وإن كان هذا الانتصار سببا معقولا لعملية إنقاذ المسيحية من زوالها في أوروبا مقابل الفتح الإسلامي الذي أوقف فيها، لنجد بأنه نتيجة لهذه المعركة قد تأسس ما يعرف بـ ( الإمبراطورية الكارولنجية )، ونجد بأن الفرنجة قامت بالهيمنة على كل أوروبا، وبذلك تأكد للمؤرخين بأن هذه المعركة هي من حددت السلطة في أوروبا والديانة أيضا؛ حيث إن القوة الفرنجية هي الحاكمة فيها.
إن اسم المعركة بـ ( بلاط الشهداء ) كان قد جاء لتخليد ذكرى القتلى؛ حيث جاء ذلك فيما كتبه ( ابن حيان القرطبي )، ويذكر بدوره بأن الأذان بقي يسمع لعصور طويلة في موقع ومكان حدوث المعركة. ونجد أن المؤرخين الغربيين قد أطلقوا على هذه المعركة اسم ( معركة تور )، وهذه التسمية قد جاءت نسبة لمدينة تور الفرنسية.