معركة الكرامة
توسعت مطامع إسرائيل بعد الانتصارات التي حققتها، فأرادت الحصول على أراض إضافية، فحصلت على الجولان جنوب لبنان، ومن الشرق توجهت إلى ما بعد نهر الأردن؛ فوقعت معركة الكرامة في اليوم الحادي والعشرين من شهر آذار للعام 1968 م، ذلك عندما حاولت قوات الجيش الإسرائيلي تخطي الحدود الشرقية من المملكة الأردنية الهاشمية واحتلال نهر الأردن، لأسبابها الاستراتيجية، وعبرت النهر من عدة محاور وتحت غطاء جوي مكثف.
لكن الجيش الأردني قاومها وتصدى لها على طول الجبهة؛ من أقصى الشمال وحتى الجنوب حيث البحر الميت، وفي قرية الكرامة اشتبك الجيش العربي الأردني بالتعاون مع الفدائيين في القتال ضد الجيش الإسرائيلي بعملية استمرت قرابة الساعة، ثم استمرت بعد ذلك معركة شديدة بين الجيش الأردني والمعتدي الإسرائيلي لأكثر من ستة عشر ساعة، اضطروا بعدها إلى الانسحاب الكامل من الأراضي الأردنية تاركين خلفهم القتلى والخسائر، ولأول مرة دون أن يتمكنوا من سحبها.
وانتصر الجيش الأردني على القوات الإسرائيلية يومها وطردهم من أرض الكرامة، وغنم بآلياتهم التي تركوها مع قتلاهم، ولم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها.
موقع معركة الكرامة
جرت أحداث المعركة في منطقة الغور الأردنية، وعلى الضفاف الشرقية من نهر الأردن، وسميت باسم الكرامة نسبة إلى القرية التي حدث الاشتباك الأول فيها، وهي قرية الكرامة، وتقع قرية الكرامة في غور الأردن، في الجزء الشرقي من نهر الأردن، وهي منطقة زراعية ذات أرض منخفضة ومشهورة ببساتينها الضخمة والممتدة وبخضرتها على مدار العام، وفيما مضى كان يطلق عليها اسم منطقة الآبار؛ وذلك لكثرة الآبار الارتوازية فيها، ولها اسم آخر هو غور الكبد. وتعتبر تلك المنطقة الزراعية الواسعة سلة الغذاء الأردني؛ إذ يعتمد 95% من سكان المملكة عليها للإمداد بالغذاء.
تاريخ هذه المنطقة مغرق في القدم؛ فقد مرت عليها العديد من الممالك مثل: الأدومية، والعمونية، والمؤابية، والأشورية، والآرامية، ومملكة الأنباط، والرومانية، واليونانية، والبيزنطية، ودخلها الفتح الإسلامي، وفيها الكثير من مقامات الصحابة؛ وذلك بسبب انتشار مرض طاعون عمواس، الذي قتل العديد منهم على هذه الأرض؛ فمنهم أبو عبيدة عامر بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، وضرار بن الأزور، ومعاذ بن جبل وآخرون.
لقد جاء القرآن الكريم على ذكر هذه الأرض عندما قال تعالى: (غلبت الروم في أدنى الأرض)، وقد نزلت هذه الآية عندما انتصر الفرس على الروم، فتم إخبار سيدنا محمد عن الأمر الذي حدث في هذه المنطقة، وحتى اليوم وبعد اكتشاف كل بقعة على الأرض أثبت العلم أن هذه البقعة هي الأخفض على وجه الأرض (باليابسة).