الشخصيات التاريخية
كثيرة هي الشخصيات التي مرت في التاريخ العربي الإسلامي، أو حتى الإنساني ولم تنل حظها ونصيبها من الشهرة، كما نالته شخصيات أخرى، مع أنها استطاعت أن تحقق في حياتها إنجازات عظيمة وهامة، ومن هنا فقد كان لزاماً على أبناء الأمة قراءة التاريخ بشكل متأنٍ للوقوف على سير هؤلاء الأعلام، وإعطائهم حقهم من الاحتفاء، والتكريم، فمن لا يشكر الناس، لا يشكر الله.
من الشخصيات العظيمة التي حفرت لاسمها مكاناً بين سطور التاريخ لكنها لم تنل الاهتمام الكافي من المسلمين على مر الأجيال المتعاقبة، شخصية القائد المسلم عبد الرحمن الغافقي رضي الله عنه، والذي ارتبط اسمه بواحدة من أعظم وأهم معارك التاريخ الإسلامي وهي معركة بلاط الشهداء. وفيما يلي استعراض لبعض أبرز جوانب شخصية هذا القائد العظيم.
عبد الرحمن الغافقي
هو التابعي الجليل عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي، من قبيلة غافق التي تنتمي إلى قبيلة عك اليمنية. ولد عبد الرحمن الغافقي في اليمن، ثم قام بعدة رحلات، وكان رضي الله عنه قد قدم إلى الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك في بلاد الشام، ثم عاد إلى بلاد المغرب، فاحتكّ بالقائد موسى بن نصير، وابنه، وتولى أمر شاطئ الأندلس الشرقي.
اشتهر عبد الرحمن الغافقي في التاريخ ببراعته العسكرية والقتالية، فقد كان قائداً حاسماً، وهذا ما ساعده على الابتعاد عن التراخي، وقد كان محنكاً ماهراً في إدارة الرعية، حيث اشتهر بدقته الشديدة في التأكد من كافة التجهيزات، والاستعدادات من أصغر التفاصيل إلى أعظمها، على الصعيدين: المادي، والمعنوي، قبل أن يقدم على الدخول في حدث مهم؛ كالمشاركة في معركة ما –على سبيل المثال-. كما عُرف عنه قدرته على توحيد المسلمين بعد تشتت أمرهم، وتفرقهم.
تأثر الغافقي بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا فقد كان حسن الخُلُق، ذا سيرة عطرة كريمة، كما اشتهر عنه العدل بين رعيته، وقسمته الغنائم بينهم بحق الله، كما اشتهر بورعه، وتقواه، وخوفه من الله تعالى، ومساعدة جميع المحتاجين دون مقابل. وقد روى الغافقي الحديث عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
معركة بلاط الشهداء
ارتبط اسم الغافقي تاريخياً بمعركة بلاط الشهداء، وهي معركة وقعت ما بين قوات المسلمين، حيث كان الغافقي قائد الجيوش فيها، ووالي الأندلس في الآن ذاته، وقوات الفرنجة بقيادة شارل مارتل.
قد انتهت هذه المعركة بنصر قوات الفرنجة على قوات المسلمين، واستشهاد القائد المسلم عبد الرحمن الغافقي رضي الله عنه فيها. وقد وقعت هذه المعركة الهامة في عام مئة وأربعة عشر من الهجرة، وكانت محل اختلاف بين المؤرخين من حيث أهميتها، ومكانتها في التاريخ.