كما أنّ للتفكير أثر في حياة الكائن الحي بشكل عام فإنّ له تأثير ونتائج في حياة المرأة بشكل خاص إذ أنّه يدفعها للإبداع في مجالات ربّما كانت حكراً على الرّجال وقد يعطيها أيضاً مميزات تجعلها تكون محط اهتمام في بعض القضايا لما هى اسباب تعود إلى نوعيّة التفكير الذي تمتلكه كما نرى من تأثير ونتائج التفكير العاطفي للمرأة على شهادتها تارةً وحكمها تارة أخرى.
وسنرى أيضاً بأنّ لها حريّة الفكر والمعتقد كما جاء في تعاليم الدّين الإسلامي الحنيف إذ إنّ الإسلام منحها هذا الحق في استخدام هذه الميزة العظيمة لما فيه خيرها وسعادتها وانعكاس ذلك على أسرتها ومجتمعها إذ إنّ الإسلام لم يهمّش المرأة بل جعلها قادرة على الإبداع والادلاء بأرائها والتعبير عن أفكارها واستخدام عقلها.
المرأة وحرية اختيار الفكرة والعقيدة:
حريّة اختيار العقيدة من الحقوق التي أعطاها الشارع لكلا الجنسين الذكر والأنثى وليس للرجل من سبيل على المرأة في دفعها لاعتناق عقيدة أو رأي. والأمثلة كثيرة على ذلك منها(4)امرأتا لوط ونوح عليهما السلام إذ لم يستطيعا فرض عقيدتهما على زوجتيهما كما أنّ الأمثلة من جهة أخرى امرأة فرعون إذ لم يستطع فرعون اخضاعها لمعتقده في نفسه. بل إنّ زوجة فرعون آمنت بالله، وتركت المال والجاه من أجل معتقدها.
ولم يفرق الله سبحانه وتعالى بين الرجل والمرأة في جعلهما محل للاعتقاد والاصطفاء حيث اختار أم موسى وكلفها بأمر واختار مريم من بين النساء وكلّفها بأمر ليرى العالم احترام الإسلام وعقيدته لفكر المرأة ومعتقدها. وقد كان لأمهات المؤمنين دور كبير في إيصال الأحاديث إلى المسلمين والإجابة عن الكثير من الأسئلة المبهمة فقد كانت عائشة رضي الله عنها حافظة للأحاديث وناقلة لها وتسأل وتجيب فيما يخص الأمور الدينية والمشكلات اليومية للمسلمين.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا أقيمت المرأتان مقام الرجل ؟يأتي الرّد صريحاً وواضحاً فيقول :(ان تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى)يأتي سؤال آخر ولما خصت المرأة بالنسيان دون الرجل؟والإجابة جلية في أن للمرأة اهتماماتها الكثيرة والمتشعبة التي غالباً ما تختص بالأشكال والألوان والمظاهر دون جوهر أو لب الموضوع فاهتمامات المرأة غير اهتمامات الرجل الذي غالباً ما يهتم بجوهر الأشياء ، ولهذا فالمرأة كثيرة النسيان واهتم الإسلام بهذا الأمر لتجد من تذكرها بالشهادة في حالة النسيان كي يتحقق العدل وتستقيم الأمور، بينما الرجل يهتم بالأمور الجديّة ولو سألته عن بعض التفاصيل لن يجد جواباً كلون لباس أو شكل حذاء أو ....الخ.
ومما يقال في طبيعة منطق المرأة أنه منطق يهتم بالأشخاص أكثر مما يهتم بالوقائع وهي في العادة تتعامل مع الأشخاص لا مع الأفكار والمبادىء. والرجل أميل إلى العقلانية في حين أن المرأة أميل إلى العاطفة حيث لو طلب من كليهما إصدار حكم على شخص ما فالرجل سيفكر بعقله وبأن يحاكم الرجل ويعاقب، أما المرأة فستفكر كيف سيكون شعوره.ثار جدل كبير حول موضوع شهادة المرأة لكن المفكرين والعلماء من المسلمين أمثال محمد متولي الشعراوي تصدر لهذا الأمر الذي اعتبره البعض انتقاصاً من قيمة المرأة حيث كيف تتساوى حاملة دكتوراه مع بواب عمارة في الشهادة والجواب كان أن الشهادة مأخوذة من الفعل شهد وهو الرّؤية والشّاهد يرى ويشهد الحدث فيصفه.
والرّؤية والوصف ليست بحاجة لشهادات عليا، ومنطق الثقافة لا يعتد به هنا. الأمر الثاني أنّها أي المرأة مخلوقة على الستر والحياء فهي لن تدخل في مشاجرة ما لتعرف ما حدث فيها ولن تتدخل في أمور الرّجال كما قد يشاهد ويرى الرجل هذه الأمور باعتبار أنه رجل يستطيع حماية نفسه من الأذى.
المصادر :
1-د.أحمد حجازي ،د.مصطفى حمود /أروع واجمل وافضل وأحلى ما قيل في المرأة والنساء-دار اليوسف للطباعة والنشر والتوزيع ص119.