يختلف مفهوم وتعريف ومعنى الثقافة عن مفهوم وتعريف ومعنى العلم ، حيث أن مفهوم وتعريف ومعنى الثقافة ليس تحصيلاً أكاديمياً ، ولا هو إجبارياً من قبل أحد آخر ، ولكن يعتبر في ذات الوقت إجبارياً من حيث ضرورة الثقافة لحياة الإنسان خاصة في العصر الحديث .
و الثقافة لها سحر جعل الحياة مختلفة ، أقل إعتيادية وأقل جهلاً ، وهي مهمة بحيث أن المناهج التعليمية لا تمنحنا علماً بقدر ما تمنحنا من إضاءات على عدة أمور أساسية ، ولكن البحث في هذه الأمور و معرفتها عن حق تتم بحالتين ، أحدهتعرف ما هو التخصص بها في المراحل الدراسية العليا ، وإلى جانب ذلك الالبحث عن أسرار هذه العلوم بحثاً ذاتياً بالاجتهاد والبحث في الكتب والمصادر التي تزود بها . أما الحالة الثانية فهي البحث فقط دون متابعة الإختصاص أكاديمياً ، وهنا يكون البحث إما بحثاً دقيقاً ممنهجاً ، وبهذه الحالة يكون دراسة ذاتية لموضوع البحث ، أو بحثا عاماً ليس فيه تخصص بحت ، و يكون البحث غير المتخصص بهدف التثقف بشكل عام وهذا يتطلب أمر في غاية الأهمية وفائدة حتى لا يكون التثقف خاطئا ، وهو الموضوعية .
أما الموضوعية و هي أهم سمات الثقافة فتعني أن لا يكتفي الإنسان بتوجه واحد يحصل من خلاله على معلوماته ، بل أن يقرأ الرأي والرأي النقيض أو ذو الوجهة المختلفة ومن ثم ينظر بشكل محايد لكلا المصدرين ويحدد بنفسه تعرف ما هو الصواب من بينهما . وهذا الأمر يكون عادة شائكاً عندما يكون موضوع التثقف موضوعاً من العلوم الإنسانية أو الدينية أو التاريخية ، بحيث تتشعب الرؤى في هذه المجالات ويصعب تحديد أكثرها مناسبة لإعتمادها جميعاً على دلائل عقلية ، وهنا يعود الإعتماد على القارئ نفسه بحيث يحدد تعرف ما هو المنطقي بالنسبة له وتعرف ما هو المناسب .
ويجب على القارئ الذي يود أن يتثقف بشكل سليم أن لا ينهل كل ثقافته من بحر واحد لأن ذلك سيتسبب بأن يكون متعصباً لأرائه دون الإطلاع على غيرها من الآراء ، إضافة إلى هذا فإن الثقافة لا تقف عند حد التثقف بمواضيع معينة دون غيرها ، فيجب أخذ المزاجية بعين الإعتبار وتنحيتها جانباً إذا أراد الشخص أن يكون مثقفاً جيداً ، بحيث لا يهتم بموضوعات معينة دون غيرها ، فيأتي نفسه بمصادر التثقيف العلمية والأدبية والدينية والفنية والرياضية والإعلامية ، مع ابقائه لما يحبه بالموازاة مع هذا كي لا يشعر بالملل .
هذه الأمور كلها بحاجة لوقت كبير ، و لكن بالنظر لمدى الوقت الضائع في المواصلات أو قبل النوم فعلياً أو حسب الجدول الخاص بالشخص فإنه سيجد الوقت المناسب لذلك وسيستفيد كثيرا ويصبح شخصاً مختلفا لديه رؤية مميزة نحو الأمور .