حين يطلع المرء منّا على تجارب بعض الشّعوب يتمنّى لو أنّ الأمّة العربيّة و الإسلاميّة استفادت من طرق ووسائل الحياة العصريّة عندهم ، فالحكمة ضالّة المؤمن دائماً ، و هو أحقّ النّاس بها ، بل هو أحقّ النّاس بالتّكنولوجيا و التّطور و التّقدم لأنّه يملك العقيدة الصّحيحة و الدّين الرّباني في وقتٍ انحرفت فيه الأمم عن دين الله تعالى و منهجه في الحياة و تمسّكت بقوانين و شرائع وضعيّةٍ ، و قد ذكر النّبي صلّى الله عليه و سلّم بأنّ الله سبحانه و تعالى يعطي الدّنيا لمن أحبّ و لمن لا يحب ، و لا يعطي الدّين إلا لمن أحبه ، لذلك نرى كيف تفتح الدّنيا زهرتها لغيرنا من الأمم حين أخذوا بما هى اسباب التّقدم و الرّقي ، فترى بعض الشّعوب الغربيّة تعيش حياةً مترفةً رغدةً كلّها نظامٌ تحكمها القوانين و لا يسيّرها الهوى ، و لقد انعكست قيم تلك الأمم ايجابيّاً في حياة الأفراد عندهم ، و نتيجة لإتباعهم أنماط حياةٍ صحيّةٍ أصبح الواحد منهم يعمّر أكثر من مثيله في البلاد العربيّة و الإسلاميّة ، و تتحدّث إحصائيّات منظمات الصّحة العالميّة عن متوسط أعمار مرتفع في اليابان على سبيل المثال ليبلغ حوالي 87 عاماً للنّساء و 80 عاماً للرّجال ، و تقلّ النّسبة في الولايات المتّحدة عن هذه النّسبة قليلاً ، فتعرف ما هو السرّ في أسلوب معيشة اليابانيين بحيث تجعلهم يعمّرون و يردّون إلى أرذل العمر خلافاً لمجتمعاتنا الإسلاميّة ؟ .
بلا شكّ بأنّ هناك عوامل مختلفةٍ تسهم في زيادة متوسّط عمر اليابانيين منها و أهمّها النّظام الغذائي المتّبع عندهم ، فاليابانيون يعتمدون كثيراً في طعامهم على لحوم الأسماك و تشكّل طبقاً رئيسيّاً على موائدهم ، و لا يخفى على أحدٍ فائدة الأسماك لصحّة الإنسان بما تحتويه من عناصر غذائيّةٍ كاليود و الفسفور و الأحماض الأمينيّة ، كما يبتعد اليابانيون في طعامهم عن الدّهون التي تسبب الكوليسترول ، و يشربون الشّاي الأخضر الذي ثبت صحيّاً دوره كمضاد للأكسدة في الجسم ، و تسهم العوامل البيئيّة كبعد المصانع عن المدن ، و حبّ ممارسة الرّياضة البدنيّة في زيادة متوسط عمر اليابانيين .
و أخيراً يبقى أن نقول أنّ ما وفّرته حكومات تلك الدّول لشعوبها من حياةٍ رغيدةٍ و ضمان ٍاجتماعيٍّ للمتقدّمين في السّن أسهم إسهاماً كبيراً في زيادة متوسّط أعمارهم ، فهلاّ نستفيد من تجارب تلك الأمم في حياتنا و مجتمعاتنا .