لقبّ الأديب والفيلسوف والشّاعر أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي من قبيلة تنوخ ، والملقب بأبو العلاء المعرّي ، المولود في عام 973 م ، بـ ( رهين المحبسين ) ، ويقصد بهذا اللقب أنّه كان حبيس إصابته بمرض العمى الذي أصابه وهو في عمر الرابعة بسبب إصابته بمرض الجدري ، وحبيس البيت إذ أنّه وبعد أن عاد من بغداد قد اعتزل الناس، ولد أبو العلاء المعرّي في المنطقة الشمالية من سوريا في مدينة معرّة النعمان ، حيث يُنسب إليها ، وقد كان جدّه أول قاضٍ في هذه المدينة ، وعرفت عائلته بنظم الشعر ، وقد قرضه أبو العلاء وهو في الحادية عشرة من العمر .
درس في كلٍّ من حلب وأنطاكية ( اللغة ، والأدب ، والفقه ، والشعر ، والتفسير ، والحديث ، والنحو ) ، ويرى بعض الدارسين لأعماله وخاصة شعره، بأنّه كان على علمٍ بجميع الأديان والعقائد والمذاهب والفرق ، وكان عارفاً قديراً بالتاريخ وبالأخبار، وقد مارس مهنة الشاعر ، وأيضاً المفكر الحرّ ، والفيلسوف ، حيث مكث فترة في بغداد كان يلقي محاضراته على جمع كبير من الإناث والذكور في النحو والشعر والعقلانيّة ، وكانت إحدى محاضراته في الفلسفة عن ( المنطق ) هي أكثرها تكراراً ، والتي كانت ضدّ كلٍّ من السلطة والتقاليد والعادات والادعاءات .
يشهد لأبي العلاء بأنّه كان شديد الذكاء والفطنة والفهم ومتّقد الذاكرة ، حيث عاد من بغداد إلى معرّة النعمان وذلك في عام 1009 م وألّف الكثير من التصنيفات والكتب وهو في بيته ، وكان يقوم بالكتابة له ( علي بن عبد الله بن أبي هاشم )، قضى حياته أبي العلاء متزهداً في الدنيا ، وقضى قرابة 45 عاماً نباتياً ، أي لا يأكل لحم حيوانٍ ولا منتجاته من بيض أو عسل أو سمن أو لبن ، وكان لا يلبس إلاّ الخشن من الثياب ، ومات وهو في عمر 86 عاماً في مدينته ومسقط رأسه معرّة النعمان .
إنّ آراءه أثارت جدل بين الدارسين لأشعاره وكتبه وأيضاً لشهادات وأقوال معاصريه وبعض المؤرخين ، فرأى الغالبية بأنّه كان مؤمناً بالله مسلماً ، ورأى البعض ومنهم أيضاً كتاباً مستشرقين بأنّه كان شكاكاً في الأديان ، وأنّه قد ندّد من الخرافات في الدين ، وقد وصفه أحدهم بأنّه مؤمن بالربوبيّة، لأبي العلاء المعرّي كتب عديدة أهمّها ( رسالة الغفران ، تاج الحرّة ، الأيك والغصون ، ديوان سقط الزند ، رسالة الملائكة ، الدرعيات ، رسالة الفصول والغايات .... ) وغيرها الكثير من الرسائل وكتب الشروح التي أهمّها هو شرح اللزوميّات .
