تعتبر المعاصي و الذّنوب من أدران النّفس و آفاتها ، فحين خلق الله تعالى آدم عليه السّلام و أمره بأن يدخل الجنّة و يتمتّع فيها كيفما شاء ، فقد نهاه عن الأكل من شجرةٍ معيّنةٍ ، فجاء الشّيطان إليه ليوسوس له و يمنّيه بالأماني الكاذبة ، فعصى آدم ربّه فكانت هذه أوّل معصيةٍ ترتكب في حقّ الله تعالى بعد معصية إبليس حينما رفض السّجود لآدم عليه السّلام ، و قد استغفر آدم ربّه على تلك المعصية فتاب الله تعالى عليه .
فالإنسان إذن و مهما بلغت مرتبته فإنّه يظل ضعيفاً ناقصاً أما كمال الله تعالى ، و قد جبل الله نفوس النّاس على حبّ الشّهوات من البنين و النّساء و المال ، لأجل ذلك فتح الله باب التّوبة لعباده فمن أذنب ذنباً و استغفر الله تعالى و تاب عنه توبةً نصوحاً غفر الله تعالى له ذلك ، و قد بين النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النّهار ، و يبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء الليل ، و هو جلّ و علا يحبّ المستغفرين من عباده التّوابين ، و من صفات المتّقين أنّهم إذا عملوا معصيةً أو فاحشةً ذكروا الله تعالى فاستغفروه ، قال تعالى ( و الذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذّنوب إلا الله ، و لم يصرّوا على ما فعلوا و هم يعلمون ) .
و إنّ طريق الابتعاد عن المعاصي تكون أولاً بلزوم أهل الطّاعة و مصاحبتهم لأنّ في ذلك إعانة للمسلم على طاعة الله و البعد عن نواهيه ، و الابتعاد عن أهل المعاصي ، قال رسول الله عليه الصّلاة و السّلام لا تصاحب إلا مؤمناً و لا يأكل طعامك إلا تقي ، و في الحديث الآخر المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل .
كما أنّ من طرق ووسائل الابتعاد عن المعاصي تذكير المسلم نفسه دائماً بالموت و نهاية الحياة الدّنيا ، و تبشيرها برضوان الله تعالى و جائزته للمتّقين من عباده ، و قد كان سيّدنا عمر بن الخطّاب يلبس خاتماً مكتوبٌ عليه كفى بالموت واعظاً يا عمر ، فهلا نقتدي بجيل الصّحابة الذين ضربوا أروع الأمثلة في الخشية و التّقوى ؟ .