الفراغ
ليلنا طويل في الشتاء، ونهارنا كذلك في الصيف، ولذلك نشعر بالضجر والتأفّف من ذلك؛ فكثيرٌ من أوقاتنا تضيع سدىً وهباءً منثوراً في أشياء تافهة وربّما بالملهيات والمعاصي لمجرّد القضاء على وقت الفراغ الممل، وينسى البعض أنّ وقت الفراغ هذا من نعم الله عزّ وجل، ومحسودٌ من لديه أوقات فراغ في حياته؛ فالكثيرون يتمنّون لو يملكون ساعةً فقط من الفراغ.
هنالك أشخاص لا يعرفون ما يصنعونه في وقت فراغهم الطويل؛ فالرسول محمد - صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن العبد محاسب عن كلّ ثانية من حياته ماذا عمل بها، وحثّنا على اغتنام وقت الفراغ قبل انشغاله، والندم على ما فات وضاع دون استغلاله فيما يرضي الله عزّ وجل، فالعاقل من شمّر واجتهد واستثمر حياته بكل ما ينفع دنياه وآخرته، فتوجب علينا ملء حياتنا وخاصّةً وقت الفراغ بطاعة الله عز وجل، وتعويد أطفالنا منذ صغرهم على ذلك، وخاصةً في مرحلة المراهقة الخطيرة.
المؤمن لا شيء ألذ وأطيب عنده من ذكر الله وعبادته، ولو أفنى عمره بذلك؛ لأنه قد ذاق حلاوة ذلك، وسعد بما جنى من الثمار، ومن الرزق الوفير وتيسير الأمور، فضلاً عن ذلك فهو موعودٌ بسعادة الآخرة أيضاً، ولكن من لم يذق ذلك فسيتذمّر ويشق عليه الأمر ويصعب، ولكن الأمر ليس بهذه المشقة، فهناك ما فيه ترويحٌ عن النفس وإسعادها.
طريقة تنظيم اليوم بطاعة الله عزّ وجل
- بدء اليوم بأعظم طاعة ألا وهي صلاة الفجر، وذلك بأدائها في وقتها، فمن أدّاها كان نهاره سعيداً، ومن لم يؤدّها تعكّر نهاره ومزاجه.
- النوم بعد صلاة الفجر لبعض الوقت مع النية فيها تقوية وتنمية للبدن؛ ليعينه على إتمام يومه بكل نشاط، وهو مأجورٌ على نيته.
- معظم ساعات النهار تذهب في العمل خارج المنزل بالنسبة للرجل، والعمل عبادةٌ لو نواها في طاعة الله عزّ وجل؛ فبعمله يكسب المال الحلال الذي يغنيه عن السؤال، ويوفر لأسرته كلّ متطلباتهم وحاجاتهم، وبالنسبة لربة المنزل تقضي يومها في تنظيف منزلها والعناية بأطفالها الصغار، وتربيتهم تربيةً صالحة، وهي من أعظم العبادات، وأما بالنسبة للأولاد فيقضونها بجني العلم النافع، لينفعوا أمّتهم في المستقبل.
- أوقات الطعام؛ حيث تجتمع الأسرة كاملة، فيجب استغلالها بجعلها فترةً للراحة، وتبادل أطراف الحديث الممتع وطرح تعرف ما هو مفيد.
- أداء الصلوات في وقتها؛ فهي أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجل، وبذلك يُبارك الله عز وجل في الوقت، ويبقى العبد سعيداً كامل يومه.
- تخصيص عشر دقائق أو ربع ساعة من الظهيرة للقيلولة، لتستيقظ بعدها بنشاط وحيوية.
- تخصيص ساعة تجتمع فيها الأسرة ليطرح كلّ فرد ما تعرّض له من مشكلات، وما لديه من أسئلة واستفسارات، ومن ثم إيجاد الحلول والأجوبة المناسبة.
- تنفيذ طلبات الوالدين بكل حب ودون تذمر، ومساعدتهما في أعمالهما وبرّهما.
- تخصيص ساعة أو ساعتين لقراءة القرآن الكريم وأقل ما يمكن عشر صفحاتٍ في اليوم، والتنوّع في العبادات، من ذكر واستغفار، وصلاةٍ نافلةٍ وقيام ليل، والصلاة على الرسول؛ فهذا العمل هو ما يعطيك شحنةً كبيرةً وسعادةً عظيمةً تجعلك تكمل يومك بكلّ نشاط.
- النوم لساعاتٍ كافيةٍ من الليل؛ فالنوم عبادةٌ لو سبقته النية لذلك؛ ليرتاح الجسم ويستيقظ باكراً لصلاة الفجر، والقيام بالعمل الموكل إليه.