لو سلك عمر ابن الخطّاب رضيَ الله عنه طريقاً لَسلَك الشيطان طريقاً غيره ، هكذا كان حال الشيطان الرجيم مع عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، فهو الفاروق الذي فرّق الله به بين الحقّ والباطل ، ولا يكون هذا حال الشيطان مع رجل إلاّ ويكون هذا الرجل على صلة عالية من الإيمان والتحصين والعمل الصالح.
والشيطان الرجيم عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لّيس له سلطان إلاّ على الذين اتّبعوه وأتبّعوا أهوائهم ، وكانوا بعيدين عن الحقّ والهدى ودين الله سبحانه وتعالى.
لأنّ إبليس عليه لعنة الله قال لله سبحانه وتعالى حين رفض ابليس اللعين السجود لآدم عليه السلام ، بأنّه سيقوم بغواية الناس أجمعين وإلى يوم القيامة ( يوم البعث) ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى أخبره بأنّه ليس له سلطان على الذين اعتصموا به وآمنوا به واستمسكوا بدينه.
وحتّى تبتعد عن الشيطان ، كُن مع الله ، كن معه في السرّ والعلن ، إدِّ الذي عليك ولا تنقص منه شيئا ، حافظ على صلاتك ، وعلى القيام بالنوافل والقربات التي ترفعك إلى درجة الولاية والقرب منه سبحانه وتعالى.
وحتّى تبتعد عن الشيطان تذكّر أنّه عدوّ أبيك آدم عليه السلام والذي أخرجه من الجنّة ، وهو الذي نذَر على نفسه أن يتولّى ذريّة آدم عليه السلام بالغواية وأن يسخّر كلّ جنوده وأتباعه في سبيل غوايتهم، فأنت عندما تتذكّر أنّه عدوّ لك فكيف ترضى بأن تكون له تبعاً وهو يوسوس لكَ بالليل والنهار ؛ ليضلكَ عن سبيل الله.
ولا تنسى أنَّ الشيطان عليه لعنة الله له من الأساليب التي يدعوك بها إلى المعصية بالتدريج ، فتراه لا يأمرك بترك الصلاة أو بقية الفرائض ، وإنّما تجده يبدأ بأن يجعلك تترك النوافل والسنن الرواتب ، وقيام الليل ، ويوسوس لكَ بأن هذه الأعمال إنّتعرف على ما هى فضل عمَل وليست فرضاً ، ويكون بهذه الأساليب مستدرجاً لكَ حتّى يوقعك فيما يُريد من ترك الفرائض والأركان التي هي أصل الدين ، ويا حبّذا لدى هذا اللعين لو قادكَ إلى الشرك بالله فهو غاية ما يتمنّى عليه لعنة الله.
وحتّى تبتعد عن الشيطان تذكّر أنّه يوم القيامة يتبرأ من كل من دونه من البشر ويقول أنّي لم أضلّهم ولكن كانوا هم الضالّين ، ويكفيكَ هذا الندَم في هذا الموقف والعياذ بالله إذا كنت من الذين سار خلف خطواته.
وتذكّر دائماً أنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً كما ذكَر ذلك ربّ العالمين جلّ جلاله في كتابه العزيز ، فهو لا يُخيف إلاّ أصحاب الإيمان الضعيف والذين استسلموا له ولأهوائهم.