مصطلح العولمة من المصطلحات الحديثة في اللّغة العربية، و هو على وزن ( فوعلة)، و هو وزن دال على إسم في العربية، على أنّ هذا الوزن كان نادر الإستعمال في العربية، و لكن بدأ اللّغويون يستخدمون هذا الوزن بشكل أكبر للدلالة على مصطلحات جديدة معيّنة بعينها حتى لا تختلط بغيرها.
فقيل (عولمة) كإسم تميّيزا لها عن الإسم: (عالمية)، و ذلك كما قيل (حوكمة) تميّيزاً لها عن (حاكمية)، حيث أفرد لها وزن جديد للدّلالة على معنى جديد فالمصطلح عالميّة قديم و معروف معناه، و حتى يتم تمييز معنى جديد إختير وزن (فوعلة) و هو وزن زاد إستخدامه منذ أن شهد العالم التطور على مختلف الأصعدة، فأضحت كلمات وعبارات جديدة تدخل للغة العربية على هذا الوزن، مثل: عولمة، حوكمة، حوسبة، فوترة، قولبة، فولذة، و غيرها.
على الرّغم من إختيار لفظة جديدة هي (العولمة)، إلا أن الباحثين في هذا المجال غير متفقون تماما على مدلول تلك اللّفظة، و لتبسيط الصورة سنبدأ بما إتّفقوا عليه و نشير بإيجاز لما اختلفوا فيه.
الباحثون في هذا المجال متفقون أن كلمة عولمة مشتقة من الجذر العربي الثلاثي (علم)، و أنّها ذات إرتباط بالإسم (عالم) والمقصود به -أي العالم- كافة سكان الأرض و ممتلكاتهم الإقتصادية و إرثهم الإجتماعي و الثقافي و العلمي.
و عند محاولة وصف العولمة، يرى الباحثون أن هناك حقيقة تحدث في العالم، وهي أن العالم أصبح أكثر تقاربا بفضل التقدّم التكنولوجي الهائل و إنتشار وسائل الإتصال و سهولة الأسفار بين الدول بسبب إنتشار الطيران التجاري بشكل واسع.
إنّ الحدث الذي يحصل الآن هو شعور الأفراد بصغر العالم ، و كأنّ البشر كلهم متجاورون و يتبادلون السلع تجاريّاً بشكل سهل و يتبادلون الثقافات و العلم و العادات الإجتماعية بكل سلاسة، هذا تماما ما أطلق عليه العولمة.
و لكن الإختلاف بين الباحثين هو حول ذلك الحدث نفسه، فمنهم من يرى أنّه نتاج طبيعي للتطوّر الذي حصل للعالم و منهم من يرى أنّ هناك قوى متنفذة في العالم لها مآرب منه و هي فرض سطوتها على العالم، و منهم من يرى أنّ المحرك له أصحاب رؤوس الأموال الكبرى في العالم للهيمنة الإقتصاديّة على العالم تتبعها الهيمنة السياسيّة و ذلك عن طريق التمهيد بنشر الثقافة و العادات و الإرث الخاص بتلك القوى.
لكن تبقى العولمة كحدث موجودة، فالعولمة هي جعل كل شيئ عالميّاً من تجارة و سياسة و بروتوكولات و عادات و معارف و تقاليد و مفاهيم، و يبقى التكهّن بالما هى اسباب التي أدّت إليها و النّهاية التي ستؤول إليها و هل هي خير أم شر مضماراً طويلا للنقاش!