التغذية الراجعة كمصطلح، هو جديد نسبياً، حيث بدأ في نهاية النصف الأول من القرن الماضي؛ وأطلقه العالم "نوبرت واينر". والمقصود به هو إعطاء المُعطي للمعلومة نتيجة المعلومة. ويمكن أيضاً إطلاقه على مقابلة المدخلات مع المخرجات لقياس مدى تحقيق الأهداف التي وُضِعَ النظام من أجلها. وأصبحت التغذية الراجعة من أهم الأمور في عصرنا الحاضر في شتى المجالات. ففي التعليم، تكون التغذية الراجعة عائدة بالنفع على الطلاب والدرِسِّين على حد سواء. فالطلاب يمكن أن يعرف مستوى أدائه، ويعرف نقاط القوة والضعف لديه ليقوم بتحسينها. والمدرِّس كذلك، حيث يعرف من خلال هذه الآلية مستوى أدائه مع الطلاب وما قدَّمه لهم خلال فترة مُعيَّنة، وكيف يمكن أن يُطوِّر من أدائه وأسلوبه. فالطلاب يعرف أنه ضعيفٌ مثلاً في مادة الرياضيات؛ ونقطة قوته في اللغة الإنجليزية، وهناك طالبٌ آخر عنده العكس، فيتم عمل جلسات دراسية بين الطالبين، فيعطي كلاً منهما للآخر ما يبرعُ فيه، فيرتفع المستوى للطالبين على حدِّ سواء. وبالنِّسبة للمُعلِّم، فيعرف عن طريق التغذية الراجعة نقاط القوة والضعف لديه، فيعمل على تقوية وتنمية نِقاط ضعفه، والاستمرار في النِّقاط التي رأى مقدِّموا هذه التغذية أنه يتفوَّق بها.
أما التغذية الراجعة في الإدارة، فهي من أهم العوامل التي أصبح المدراء التنفيذيون وأصحاب الشركات يعتمدون عليها في إدارتهم لأعمالهم. وهُنا يوجد قسمين من التغذية الراجعة، الأول هو التغذية الراجعة من الموظف، حيث يُبيِّن للإداريين مدى رِضى الموظف عن الشركة وأعمالها أدائها؛ ومدى حبه للشركة وللعمل الذي يقوم به. وتستخدم الإدارة هذه المعلومات في تحسين بيئة العمل؛ ومحاولة تطويرها بما يتناسب مع متطلبات الموظفين، حتى يُعطوا كل ما يستطيعون من مجهود لخدمة مصلحة الشركة. والقِسم الثاني هو التغذية الراجعة من الزبائن، وهي أهم تغذية راجعة بالنسبة لأي شركة في العالم بمُختلَف القطاعات. ردود فِعل العملاء على ما تقدِّمه الشركة من خدمة أو ما بيعه من بضائع؛ هو أكثر ما تعتني به الشركات، فيهمهم بالدرجة الأولى الرضى العام من كافة العملاء عمَّا يقدمونه لهم، ويضعون معايير قياسية لجودة الخدمة أو البضاعة حتى يضمنوا ولاء العميل؛ وتكرار عودته لهم.
إن التغذية الراجعة من العملاء تُملي على الشركات أموراً قد تكون غائبةً عنهم؛ أو أنهم حاولوا أن يتملَّصوا منها درءاً للمصاريف الإضافية، ولكنهم بناءاً على هذه التغذية؛ يدركون أن ما حسبوه توفيراً في المصاريف قد أدَّى إلى تقليل في الإيرادات بسبب أن العملاء يُفضِّلون غيرهم من المُنافسين لوجود الأمر الإضافي لديهم. على سبيل المثال، في معارض بيع الملابس، عندما يقوم الموظف بالابتسام للعميل والترحيب به وخدمته أثناء تواجده في المعرض؛ هذا يجعل منه عميلاً دائماً، يكون هذا المعرض هو الخيار الأول له عند خروجه للتسوُّق. وقد يكون هذا النوع من البائعين يتقاضى راتباً عالياً نظير مهارته، ولكن الشركة ترفض أن تدف مثل هذا المبلغ لرغبتها في التوفير، مع العلم أن التغذية الراجعة من العملاء أفادت بأن الموظف الحالي ليس بشوشاً ومُنفِّراً لهم بأسلوبه وطريقة معاملته لهم. وبعد فترة ترى المُنافِس في المعرض المُجاور؛ والذي دفع لنفس البائع المبلغ الذي طلبه وقد تضاعفت نسبة مبيعاته، وأن العملاء الذين من المُفترض انم عملاء لهم؛ قد ذهبوا طواعية للمعرض المُجاور. الفرق بينهما أن الثاني اهتمَّ بالتغذية الراجعة من العملاء؛ بينما أهملَ الأول بسبب رغبته في التوفير.
هذه الأمثلة والمَجَالَيْن الذي تحدَّثنا عنهما هما مجرَّد أمثلة، ولكن يمكن تطبيق هذه الأمور على كل مناحي الأخرى وفي كل القطاعات، ونرى أهميتها الكبرى أنّها لتحسين الأداء وتدعيم نقاط القوة؛ ومعرفة نقاط الضعف والعمل على إصلاحها.