إنّ من طبيعة الإنسان هو الشك في كل شيء ، وأحياناً يكون هذا الشك حافزاً له لاستدرار إمكانياته وتطوره ،وفي أحيان أخرى يشكل عائقاً له للاستمرار بحياة طبيعية هادئة مليئة بالطمأنينة ومفعمة بالسكينة ، مما يتطلّب منه أن يمتلك يقيناً يساعده للتواصل والاستمرار في هذه الحياة .
فماذا يعني اليقين إذن ؟ اليقين هو الإيمان بوجود الشيء والإقتناع التّام بأنّه حقيقة واقعية موجودة لا يتخلّلها الشك ، واليقين هو إقرار العقل والقلب والروح والضمير بوجود وحقيقة هذا الشيء دون شرط لاجتماع جميع الحواس لتأكيد وجود وحقيقة هذا الشيء ، فاليقين بوجود الله مثلاً ، لا يلزم للمتيقنين بوجوده أن يروا الله أو يسمعوه أو يلمسوه أو يشموه أو يتذوقوه ، ويأت اليقين بوجوده عبر إسقاط الحواس على آثار وجوده في الوجود ، ومن هذا نستطيع إضافة ملحق على مفهوم وتعريف ومعنى اليقين ، بأنّه الشيء الذي نتوصّل إلى الإيمان بوجوده وواقعيته من خلال مجموعة الآثار التي تؤكد وجوده ، فنحن مثلاً أصبحنا متيقنين من وجود القوّة المغناطيسية والكهربائية دون أن نرى موجاتهما ، ونؤمن عن يقين بوجود الجاذبية الأرضية دون أن نلمسها أو نتذوقها أو نشمها أو نسمعها أو نراها ، نحن على يقين بوجودها من يقيننا بوجود آثارها من حولنا .
وتحت مفهوم وتعريف ومعنى اليقين يمكن تصنيف الثوابت العقلية والإنفعالية عند الإنسان ،كيقين الطفل بحب أمه له ، ويقين الحبيب بوفاء حبيبه له ، ويقين الفرد بانتمائه لوطنه دوناً عن أية بقعة سواه .
ومن مسائل اليقين ، اليقين بنتيجة حدث ما قبل حلولها ، فعندما نرى جسماً يسقط من السماء سقوطاً حراً نكون على يقين بأنّه سيرتطم في الأرض ويتناثر إلى أجزاء محدثاً صوتاً وضجيجاً وغباراً متناثراً ، وحينما نجد سمكة قد أخرجناها من الماء للتو فنكون على يقين بأنّها في النهاية ستهدأ حركتها وتموت ما لم نرجعها إلى الماء .
فاليقين يمكن تعريفه بأنّه مجموعة القناعات الثابتة والأبدية بوجود الشيء أو تأثيره أو ما ينتج عنه من نتائج قبل حلولها .