التلفاز سيّد الأجهزة، وسيّد أدوات الترفيه، وأحد أهم اختراعات العصر دون منازع وأهمها في قضاء الأوقات على خلاف اهتمامات المتابع من شخص إلى آخر، فأغلب سكّان الأرض يقضون لو وقت قليل من فراغهم في حضور برنامج، أو فيلم، أو مسلسل، أو أي شيء لقضاء الأوقات أو لكسب المعرفة والعلم. انطلقت فكرة التلفاز المعاصر في عام 1898 ميلادي من قبل الأخوين لوميير وكان ذلك متزامناً مع اكتشاف ماري كوري لمادّة الراديوم وأشرطة السليلويد فاستخدِمت لأول مرّة في تصوير أشعة إكس لعظام اليد.
العالم الأمريكي فيلو فرانسوورث يعد أحد المبتكرين الأوائل في البث التِلفازي وقد ولد في عام 1906 ميلادي، والذي بدوره حذّر في بداية الأمر من النقل التلفازي واعتبره مضرّاً بالصحة ووحش مرعب بسبب درجة خطورته العالية، اعتمد في دراساته بشكل رئيسي على نظريات أنشتاين خاصّة النظريّة النسبيّة لأنّ أنشتاين تنبّه لمرور حزمة من الضوء من نوع خاص في دوائر كهربائية متتالية وهذا المرور يؤدي بدوره لتوليد نمط معيّن من الموجات الكهرومغناطيسيّة، ومع مرورها السريع يمكن لها أن تشكّل مجموعة من الخطوط والرسوم، فقام العالم فرانسوورث بالتقاط هذه الملاحظات وعمل بجهد ودون كلل وملل ليحوّل تلك الخطوط ويعيد انتاجيها لبث مرئي.
وجب على فرانسوورث ابتكار ثلاثة أمور مترابطة لتحقيق النظريّة، أوّلها جهاز لتحويل تصوير الكاميرا لخطوط إلكترونيّة صغيرة جداً، أمّا الأمر الثاني فهي أداة لتحويل الخطوط لموجات كهرومغناطيسيّة محدّدة، أمّا الثالث فجهاز يقوم بالاستجابة لتلك الخطوط لتتطابق مع الصور التي بدأت تنطلق، وللأسف لم يستطيع فرانسوورث صنع الثلاثة أجهزة، واستطاع فقط صنع أول جهازين، أطلق على الجهاز الأوّل اسم ايميج ديكستور وقد صنعه في عام 1927 ميلادي، والجهاز الثاني اخترعه في عام 1929 ميلادي وقد سمّاه فيوزر.
العالم الاسكتلندي جون لوغي بيرد هو من استطاع صناعة وابتكار الجهاز الثالث، وقد استخدم فيه أنبوب مهبط الكاثود الذي يُستعمل في تحويل الصور في جهاز الفيوزر وكان هذا في عام 1925 ميلادي حيث استطاع أن يرسل أوّل صورة عبر الهواء لمسافة بعيدة، وبعدها بثلاثة أعوام أرسل صور أخرى لمسافة بعيدة عبر المحيط الأطلسي.
فرانسوورث هو صاحب الأفكار الأولى المتعلّقة بالبث التلفازي، وهو من بلور الأفكار الأساسيّة حول تقطيع الصور عبر تجربة دخلت تاريخ التكنولوجيا وما زالت راسخه، فقد رسم خط مستقيم داخل وسط مربع من الزجاج المطلي بالأسود، وثم وضع المربع على جهاز تصوير وجعل في الطرف الآخر جهاز يشبه لمبة الإضاءة وفي غرفة أخرى وضع ما يشبه الشاشة لاستقبال الصور، وعند تشغيل الأجهزة انتقلت الصور المرسومة إلى الشاشة في الغرفة الثانيّة وسط ذهول الجميع.