حكمة التشريع الإسلامي
شرّف الله سبحانه وتعالى هذه الأمّة في جوانب كثيرةٍ من جوانب الحياة، فهي أمّة الوسطيّة والاعتدال البعيدة عن الغلوّ المفرط أو التّساهل المعيب، وهي الأمّة التي تستمد أحكام العبادات والمعاملات فيها من أحكام الشّريعة الرّبانيّة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، فمصدر تلك الأحكام هو الله تعالى المنزّه سبحانه عما يعتري المخلوقات من نقصٍ أو خطأ، لذلك فالمسلم في حياته تراه يطبّق أحكام الشّريعة في المعاملات وهو مطمئن أنّها جاءت لتحقّق له المصلحة والسّعادة في الحياة الدّنيا والآخرة، ولتدفع عنه السّيئات والمفاسد، وقد يدرك المسلم السّر وراء تشريع الأحكام وقد يدرك العلّة في الإباحة والتّحريم، وقد يقف عقله عند بعض الأحكام فلا يدرك السّر في تحريمها أو كراهتها، وفي كلّ الأحوال فإنّ عليه أن يلتزم بحدود الله تعالى وينضبط بها انطلاقاً من إيمانه بالله تعالى، قال تعالى: (وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ).
علّة تحريم أكل لحم الخنزير
ومن بين الأمور التي حرّمها الله تعالى أكل لحم الخنزير، فقد أباح الله سبحانه وتعالى للإنسان الكثير من الطّيبات، ولم يحرّم عليه إلا ما حدّده في كتابه العزيز وسنّة نبيّه الكريم، وقد كان تحريم أكل لحم الخنزير لعلّةٍ ذكرها الله تعالى وهي أنّه رجس، ومن الأسرار التي اكتشفها العلماء في لحم الخنزير وتدخل في معنى الرّجس:
لحم الخنزير بيئة خصبة للبكتيريا والطفيليّات
وجد العلماء والباحثون أنّ الخنزير هو بيئةٌ خصبة لنموّ الدّيدان الشّرطيّة والمفلطحة وغيرها، كما أنّه بيئةٌ خصبة لنموّ البكتيريا وانتشار الفيروسات بشكلٍ كبير، فمن خصائص الخنزير أنّه لا يوجد عنده الغدد العرقيّة التي تخفّض درجة حرارة الجسم كغيره من الحيوانات، وبالتّالي فإنّ جسمه يحتاج باستمرار إلى الماء والرّطوبة، وهذا الأمر يجعله مكاناً ملائماً للبكتيريا التي تحبّ البيئة الرّطبة، ومن الأمثلة على بعض البكتيريا التي تنتشر في جسم الخنزير، وممكن أن تنتقل للإنسان عن طريق أكله (جرثومة يارسينا) وكذلك لا يخفى على أحدٍ مرض إنفلونزا الخنازير الذي سبّب ومنذ اكتشافه أوّل مرة في المكسيك في مقتل الآلاف من البشر.
الخنزير حيوان شاذ الطّباع
وبالإضافة إلى ذلك ينبغي الإشارة إلى أنّ الخنزير في صفاته السّلوكيّة في حياته هو نموذج للدّياثة، فقد بيّن علماء الحيوان أنّ الخنزير هو حيوانٌ لا يغار على أنثاه أبداً، بل هو مستعد لتبادل الأزواج مع غيره، ولا غرابة أن تجد أخلاق الغربيّين الذين يبيحون أكل لحم الخنزير تبيح تلك السّلوكيّات المنحرفة عن الفطرة السّليمة.