الحجاج بن يوسف الثقفي
ظهر بعد انتشار الإسلام في الأرض وبداية الخلافة الإسلامي العديد من الأعلام الّذين غيّروا مسار التاريخ والحضارة الإسلامية للاحسن وأفضل أو الأسوأ، فكان لبعضهم تأثير ونتائج في العلوم الإسلاميّة وآخرون في الحرب، وآخرون في الحكم وغيرها من الأمور، ومن ضمن هؤلاء الناس الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق في الدولة الأمويّة، وربّما يكون من أوائل السفاحين الّذين ظهروا في الخلافة الإسلامية بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم.
في عام الجماعة الحادي والأربعين للهجرة ولد الحجاج بن يوسف في منازل ثقيفٍ في الطائف لأمّه الفارعة بنت همام من نسل الصحابي الجليل عروة بن مسعود الثقفي سيد ثقيف في زمانه، فأسماه والداه كليب والّذي استبدله فيما بعد بالحجاج، وقد نشأ الحجاج في الطائف وأصبح يعلّم القرآن والحديث للصبيان بعدما تعلّمه هو بنفسه في صغره، ولكن طموحه في السياسة والحكم جعله غير راضٍ على عمله ذاك، ولهذا انتقل إلى الشام ليبدأ رحلته، وقد قال البعض إنّه اختار الشام لكرهه لحكم عبدالله بن الزبير الذي كان والياً على مكة والطائف في تلك الفترة.
التحق الحجاج في الشام بشرطة الإمارة، وكان انضباطه والشدة التي أخذها على عاتقه في وقتٍ كانت فيه الشرطة والإمارة بأكملها في وضعٍ لا تحسد عليه بعد مروان بن الحكم، فتقرّب نتيجة لانضباطه ومراقبته لكلّ كبيرةٍ وصغيرةٍ في الشرطة إلى قائد الشرطة في ذلك الزمان روح بن زنباع، وهو من قدّمه إلى الخليفة عبد الملك بن مروان لما رآه فيه من القوة والعزيمة، فكان الحجاج فيما بعد يد الخليفة عبد الملك بن مروان الذي أعاد زمام الحكم والشرطة بمساعدة الحجاج؛ إذ عُيّن عبد الملك الحجاج على الشرطة، فكان غليظاً شديداً في عقوبته عليهم جميعاً حتى ما عاد منهم أحدٌ يستهين بالشرطة ولا يلهو في عمله.
كان الحجّاج على رأس الجيش الذي قاده عبد الملك لحرب مصعب بن الزبير بن عوام، وهو الّذي جعل أهل الشام يخرجون إلى الحرب غصباً خوفاً من تهديدات الحجاج، وبعدها كان هو القائد على الحرب الّذي أمر بها عبد الملك بن مروان على الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير فحاصره في مكّة وقتله وصلبه وأتى أمّه ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر والتي ردّت عليه بما لم يستطع الإجابة عليه، وكان هذا هو سبب تعيينه والياً على مكة والتي عزله عنها عبد الملك بن مروان فيما بعد لكثرة الشكاوى عليه، وعيّنه والياً على العراق التي مات فيها.