ابن خلدون
ابن خلدون واسمه ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن محمد بن الحسن بن جابر بن إبراهيم بن خلدون، ولد في أوائل شهر رمضان لعام سبعمائة واثنين وثلاثين للهجرة، أي في السابع والعشرين من شهر خمسة لسنة ألف وثلاثمائة واثنين وثلاثين الميلادية في تونس، وتوفي في ستة وعشرين من شهر رمضان لعام ثمانمائة وثمانية للهجرة، أي في التاسع عشرة من شهر ثلاثة لسنة ألف وأربعمائة وستة للسنة الميلادية في القاهرة، وقضى ابن خلدون معظم مراحل حياته في كل من المغرب الأقصى وتونس.
تتلمذ ابن خلدون على يد أبيه وعلى الإمام بن عرفة، كما أنه درس في مسجد القبّة، في الأدب وهو أحد العلماء المسلمين الذين يفخر بهم التاريخ الإسلامي، وذلك لما له من إنجازات عظيمة، وخاصة في علم الاجتماع والنفس، وابن خلدون عمل مدرساً في كل من جامعة القرويين في المغرب، وجامعة الزيتونة في تونس، وعمل أيضاً بالتدريس في جامعة الأزهر ومدرسة الظاهرية في المصر، كما أنه تولى مرتبة الفضاء المالكي في مصر، وحصل على هذه المنزلة لأنه يتمتع بكم كبير من الفقه.
إنجازات ابن خلدون
- علم الاجتماع، يعّد ابن خلدون هو مؤسس علم الاجتماع ويسمى أيضاً علم العمران البشري، وأشار ابن خلدون لطبيعة وأهداف كتابه في المقدمة حيث قال: " وهذا هو غرض هذا الكتاب الأول من تأليفنا...، و هو علم مستقل بنفسه موضوعه العمران البشري و الاجتماع الإنساني، كما أنه علم يهدف إلى بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، و هذا شأن كل علم من العلوم، وضعياً كان أم عقلياً، واعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة، أعثر عليه البحث و أدى اليه الغوص... و كأنه علم مستنبط النشأة، و لعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة"، ويعتمد ابن خلدون في كتابه هذا على أن الظواهر جميعها مرتبطة مع بعضها البعض، وأن لكل ظاهرة قانوناً ثابتاً يحكمها، وفي هذا الكتاب قام ابن خلدون بتناول كل الظواهر الديمغرافية، والسياسية والعمرانية، والبشرية، والاقتصادية والسكانية والثقافية.
- علم الاقتصاد وضع ابن خلدون مجموعة من القواعد الأساسية، والتي تعتبر حجر الأساس في علم الاقتصاد الحالي، ومن هذه القواعد الأساليب الإنتاجية.
- الفلسفة، يرى في مقدمته أن الفلسفة هي انبثاق عن الانتشار العمراني، وعبر عنها بقوله: " بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع، فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة، فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق، ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: "وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه، ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها".