القدس
تعدّ القدس من أقدم المدن التي سكنها الكنعانيون منذ أقدم العصور، حيث بنيت كما يرى البعض في الألفية الرابعة قبل الميلاد، وبذلك فهي من أقدم المدن في العالم، مما أكسبها ذلك أهمية وفائدة كبيرة من الناحية الأثرية والتاريخية، أضف لذلك مكانتها القدسية عند أصحاب الديانات الثلاثة؛ فهي مدينة الأنبياء وإسراء معراج النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي زاخرةٌ مليئةٌ بالأماكن الأثرية والدينية ومنها: آثارها المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة.
أما أهميتها بالنسبة للديانة اليهودية تعود للقرن الألف الأول قبل الميلاد، حين دخلها داوود وجعلها عاصمة لمملكة إسرائيل الموحدة، ثم زعموا أن سليمان بن داوود قام ببناء هيكل على جبل الهيكل بأمر من أبيه، لكن كل التنقيبات الحديثة فندت هذا الادعاء وجميع الآثار التي وجدت تعود للخلافة الإسلامية في العصر الأموي والعباسي.
أسماء مدينة القدس
منذ فجر التاريخ سميت القدس بأسماء كثيرة تبعا لكل مر عليها، ولعل أقدم هذه الأسماء هو "أورشليم " وقد ورد هذا الاسم في النصوص الفرعونية التي تعود إلى عهد الملك سنسورت الثالث(1842_1875ق.م)، ثم ورد مرة أخرى في رسائل تل العمارنة سنة 1400ق.م، كذلك وردت في الوثائق الأشورية التي تعود إلى سنة691 ق.م، وورد ذكره أيضاً في التوراة أكثر من ستمائة مرة، كذلك في النصوص اليونانية والرومانية التي تعود إلى عامي (333 ق.م_334م)، ثم سميت بعد ذلك "بيبوس" ومعناه القوة والصلابة نسبة إلى يبوس إحدى قبائل الكنعانيين الذين استوطنوا القدس.
وظلت القدس تُعرف بهذه الأسماء حتى قدوم الامبراطورهدريان الوثني حيث أطلق على المدينة "إيلياء"، وهذا الاسم مأخوذ من اسمه (إيليوس هدريان)، واستمرت القدس تعرف بهذا الاسم حتى نهاية العهد البيزنطي، وورد هذا الاسم في العهدة العمرية؛ إذ بقي يطلق عليها حتى بعد الفتح الإسلامي ونهاية العصر الأموي، والاسم الأخير هو بيت المقدس أو القدس والذي سميت به منذ بداية العصر العباسي الأول، كل هذه الدلائل تثبت وبالدليل القاطع أن مدينة القدس هي عربية كنعانية على مر العصور.
أصل تسمية أورشليم
اختلف العلماء في أصل هذا الاسم، فبعضهم ذهب إلى أنه أصله أكادي، وأورشليم يعني أنها مدينة السلام عند الكنعانيين الذين سمّوها بهذا الاسم نسبة لملكها سالم، والبعض يرى أن أصلها آرامي و تحريفه أور شالم أو شليم يعني مدينة السلام وشالم بالآرامي إله الغروب والسلام عند الكنعانيين، وكل هذا يثبت أن التسمية عربية أطلقت على المدينة منذ القرن التاسع عشر قبل الميلاد، حتى قبل دخول اليهود فلسطين بسبعة قرون، وحتى بعد دخوله استخدموا اللغة الكنعانية والآرامية، لأن اللغة العبرية لم تكن تشكلت أو تكونت؛ لأن تشكلها وتكونها كان في القرنين السادس والسابع قبل الميلاد.