الجدول الدّوري
عرف الإنسان بعض العناصر وتعامل معها منذ القدم، مثل الذّهب والفضّة وغيرها، وقد افترض الفيسلوف اليوناني أرسطو، والذي عاش في عصور ما قبل الميلاد أنّ المادّة تتكون من تجمّع اثنين أو أكثر من عناصر النّار، والهواء، والتربة، والماء، إلاّ أنّ هذا الوصف غير دقيق، ولكنّه يشير إلى حقائق مهمة، ولم يتم تحديد العناصر إلا بعد قرون عديدة؛ حين كان براند وهو تاجر ألماني يعاني من ضيقِ الإفلاس، فحاول الحصول على حجر الفلاسفة الأبيض الذي انتشرت عليه الأساطير بقدرته على تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب، فقام بعدّة تجارب على بول الإنسان، حتّى استطاع فصل مادّة بيضاء منه، وهي ما تُعرف بالفسفور، وبذلك تم اكتشاف أول عنصر.
وكان ذلك في عام ألفٍ وستمئة وتسعة وستين ميلاديّة، وأبقى ذلك سراً حتّى اكتشفه بعد إحدى عشرة سنة روبرت بويل، وبحلول عام ألفٍ وثمانمئة وتسعة، كان العالم قد تعرّف على سبعة وأربعين عنصراً مختلفاً، ومن هنا ظهرت الحاجة لترتيبها بطريقة ما تساعد على دراستها، وفهمها، وموازنة تفاعلاتها، فمرّ الجدول الدّوري بعدّة ترتيبات قبل وصوله إلى شكله الحاليّ، وهي كما يلي.
تاريخ الجدول الدّوري
- كتاب أنطوان لافوازييه: ألف أنطوان لفوازيه كتاباً يحتوي قائمةً بمجموعة من العناصر، ووصفها بالمواد التي لا يمكن فصلها لمواد أصغر، ومن هذه العناصر؛ الكبريت، والأكسجين، والزئبق، والفسفور، كما أنه ذكر في كتبه الضّوء، وفي هذا الكتاب معلومات قيّمة تم الاستفادة منها، معَ ذلك لم يتم قبوله، كونه قسّم العناصر إلى فلزّات، ولا فلزّات.
- قانوان الثلاثيّات: توصل العالم جون دوبرينير إلى أنّ عنصر السترانشيوم يشبه عنصريْ الكالسيوم والباريوم في الصّفات، كما أن أوزانها متتالية، وبالتّالي جمعها في مجموعة، وأطلق عليها اسم ثلاثيّة، وواصل دراسته لباقي العناصر، فتوصل إلى أن الكلور، والبروم، واليود لهما صفات متشابهة أيضاً فوضعها في مجموعة أخرى، وبعد ذلك توصل إلى الفلور، فضمّه إلى الهالوجينات لتصبح رباعيّة، ثم توّصل إلى خمسة عناصر متشابهة في الصّفات منها الأكسجين، والبزموث، فأصبحت مجموعاته مختلفة في الحجم.
- جدول ألكسندر بيجو دى شارونيه: كان ألكسندر جيولوجيّاً فرنسيّاً، وهو أول من اكتشف دوريّة العناصر، أي أنّه إن تم ترتيب العناصر بحسب كتلتها الذريّة، ستتشابه العناصر الموجودة في المستوى نفسه ببعض الصّفات، فاقترح ترتيب العناصر في جدول، واعتمد ترتيب العناصر بشكل حلزوني في عام ألفٍ وثمانمئةٍ واثنين وستين ميلادي، وهو الشكل الأول للجدول الدّوري.
- ثمانيات نيولاندز: قدّم العالم الإنجليزي نيواندزفي عام ألفٍ وثمانمئة وثلاثة وستين ميلادية قائمةً بالعناصر التي كانت مكتشفة حتى ذلك الوقت، وقد قسّمها إلى ثماني مجموعات، واعتمد في ذلك على تشابه خواصها الفيزيائيّة، ووزنها الذري.
- الجدول الدوري الأول: قام مندليف بترتيب العناصر في عام ألفٍ وثمانمئةٍ وتسعة وستين بالاعتماد على كتلتها الذريّة، وهو ما يشبه إلى حد كبير الجدول الدّوري المستخدم حاليّاً، وما ساعد مندليف على النّجاح هو توقعه لوجود عناصر أخرى تحمل الكتل الذريّة غير الموجودة بين العناصر المكتشفة، ولذلك فقد أبقى لها مكاناً في الجدول الدّوري، وأشار إليها بالكتلة الذّريّة.
- هنري موزلي: توصّل هنري إلى علاقة بين الطّول الموجي للذرة وعددها الذّري، فوضع الأعداد الذريّة للعناصر، ووضّح أنّ بعض العناصر لا تتواجد بمفردها في الطّبيعة مثل البروميثيوم، بالإضافة إلى وجود فجوة بين العدد الذّري واحد وأربعين والعدد الذّري واحد وستين، وبذلك تم اعتماد الجدول الدّوري المستخدم اليوم.