فلسطين وتاريخها
هي دولة عربيّة، تقع بالقرب من البحر الأبيض المتوسط في منطقة التقاء قارتي آسيا، وأفريقيا، لتُشكّل بموقعها الجغرافي تميّزاً واضحاً في طبيعة أرضها، وازدهارها، ولكنّها تُعاني من الاحتلال الصهيوني والذي سرق أغلب أراضيها من سكانها الأصليين، ولم تبقَ لسكانها العرب إلا مساحة صغيرة من مجمل مساحتها، وما زال الاحتلال الصهيوني منذ ما يُقارب السبعة والستين عاماً يتوسّع في استيطانه على الأراضي الفلسطينية.
عاشَت أرض فلسطين العديد من المراحل التاريخيّة التي أثّرت على تكوين حضارتها، وساهمت في تغييرها بشكل واضح، ومن هذه المراحل:
العصور القديمة
أشارت الدّراسات إلى أنّ فلسطين كانت مأهولة بالسكان منذ العصر الحجري، وتعتبر مدينة أريحا من أقدم المدن التاريخيّة في العالم، والتي عاش فيها الناس، ومن ثمّ امتدّت المساحة السكانية لمناطق أخرى في فلسطين، مثل: بيسان، ونابلس، لتتحوّل هذه المدن إلى دول صغيرة مستقلة بذاتها، وعمل سكانها على توفير أساسيّات الحياة لهم، ليتمكّنوا من الحصول على غذائهم، والعيش في أماكن مناسبة للسكن.
الكنعانيون
تقريباً في سنة 3000 ق.م، هاجر الكنعانيون، والعموريون إلى فلسطين وعاشوا فيها، وعملوا في زراعة النباتات المختلفة، وصناعة العديد من الأشياء، كالمنسوجات، والخزف، وقاموا ببناء بيوتهم باستخدام الطين، والمواد المتوفّرة في ذلك الوقت، وقد ازدهرت فلسطين في عهدهم، وصارت حضارتها من الحضارات المتقدّمة، ووصل إليها العبرانيون (نسبة لتحدثهم اللغة العبرية) كرعاة للأغنام، وسكنوا في أرضها داخل الخيم، ولمّا رأوا البيوت، والحضارة العريقة الموجودة في فلسطين قلّدوا الكنعانيين ببناء البيوت، وارتداء الثياب الصوفية مثلهم.
الإسرائيليون
عندما أراد النبيّ موسى - عليه السلام - الخروج من مصر مع الّذين آمنوا بدعوته هرباً من فرعون وأتباعه، أرسل رسلاً إلى فلسطين لاستطلاع أرضها، ومعرفة إذا كانت صالحةً للعيش، وأخبروه بأنّها أرض ذات خير، وأهلها أقوياء، ولن يقدر فرعون وأتباعه على محاربتهم، وعندما وصل النبي موسى - عليه السلام -، ومعه الإسرائيليون إلى أرض فلسطين طردهم سكان الجنوب، فأرغموا على تغيير طريقهم، والتوجّه شرقاً، وتوفّي هناك النبي موسى - عليه السلام - ليستلم القيادة بعده يوشع بن نون، فدخل مع الإسرائيليين إلى مدينة أريحا، وقاموا بتخريبها، وحرقها، واستولوا عليها، وعلى معظم أراضي المنطقة الجنوبيّة في فلسطين، ولكن تمكّن الكنعانيّون من البقاء فيها.
الحكم الروماني
بعد أن مرّت العديد من السنوات، وحكمت فلسطين العديد من الشعوب قام الرومان في عام 63 ق.م بحِصارها وتمكّنوا من السيطرة عليها، وإعلانها ولايةً تابعة للدولة الرومانية، واستمرت على هذا الحال حتّى ظهور الديانة المسيحية، والتي اعتنقتها الدولة الرومانية في عام 312م، وظلّت فلسطين تُعاني من الحروب المتلاحقة بين الحكّام الرومان، حتّى تمكّن البيزنطيون من احتلالها في عام 614م، وفي عام 636م حدثت معركة اليرموك بين العرب المسلمين، والإمبراطورية البيزنطية، لتضع حداً فاصلاً للحروب التي عانت منها أرض فلسطين.
الحكم الإسلامي
بعد معركة اليرموك تمكّن العرب المسلمون من حكم فلسطين، والتي صارت أغلب مناطقها تحت سيطرتهم ما عدا بيت المقدس، والذي تسكنه أغلبية مسيحية، والتي رفضت تسليم أراضيها إلى الجيش الإسلامي، فعقَد الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صلحاً بين المسلمين، وأهل القدس، وكتب لهم معاهدة سميت (العهدة العمرية) لحمايتهم، والمحافظة على دينهم، وبيوتهم، وأموالهم، وهكذا تمكّن الجيش الإسلامي بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من دخول بيت المقدس.
الانتداب البريطاني
بعد تعاقب السنوات على فلسطين، وحدوث الحروب العالميّة وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وفي عام 1924م عُيّن المندوب (هربرت صموئيل) كحاكم لها من قبل السلطات البريطانيّة، وبدأ في ذلك الوقت يُفكّر وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور بحلٍّ جذريّ للتخلّص من اليهود الذي يسكنون في بريطانيا، والدول الأوروبية، وكان متأثّراً بالفكر الصهيوني، وبالكتابات الواردة في العهد القديم، ممّا جعله يُفكّر بشكل جدي بمنح فلسطين كوطن دائم لليهود، وفي عام 1948م انسحبت القوات البريطانية من فلسطين، لتدخل القوات الصهيونية، وتحتل الأراضي الفلسطينية وتعلن قيام دولة إسرائيل.
الاحتلال الصهيوني
بعد أن فَرَض الاحتلال الصهيوني سيطرته على الأراضي الفلسطينية التي تمكّن من الحصول عليها إمّا بأخذ الأماكن التي تركها البريطانيون وراءهم أو باحتلالها بالقوة قامت الشعوب العربية بتشكيل جيشٍ للدفاع عن فلسطين لاستعادة الأراضي المسروقة إلى شعبها، وكانت قد تشكّلت داخل فلسطين فصائل مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ولكنّها لم تنجح مع الجيوش العربية باستعادة أغلب الأراضي التي سيطر عليها اليهود، وذلك بسبب ضعف التنسيق بينهم، وندرة وجود الأسلحة معهم، ممّا تسبّب في إلحاق العديد من الخسائر، والتي استمرّت حتى عام 1967م، وساهمت في توسّع المساحة الجغرافية التي احتلتها إسرائيل.
فلسطين الحديثة
في الوقت الحالي تُعتبر المساحة الجغرافية التي تتمتع بحكم فلسطيني ذاتي أقلّ بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة، وتُخالف نصوص الأمم المتحدة، والتي حدّدت مساحة الأراضي الفلسطينية حتى حدود عام 1967م، وللمحافظة على الهوية الفلسطينية تمّ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية للعمل على تسيير أمور الحكم في المناطق الفلسطينية، وتمكّنت فلسطين من الحصول على شبه اعتراف من الأمم المتحدة، كدولة تعيش تحت الاحتلال، وهذا ما قابلته إسرائيل والدول التي تُحالفها بالرفض، ممّا تسبّب بوقف المفاوضات التي كانت قائمةً ما بين السلطة الفلسطينية، والكيان الصهيوني.