رأس المال والسلطة هما أعداء الإنسانية إذا وضعا في المكان الخطأ وبأيدي الأشرار، إذ بهما يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً، وبهما تضيع الحقوق، وتهدر الثورات إشباعاً للطمع المستشري في النفوس الرديئة، كما أنَّه بهما يتم القمع وإهدار الكرامة والسجن والتعذيب وبسببهما تقوم الثورات التي غالباً ما تأخذ منحى مختلف عن الذي قامت من أجله، وبسببهما تزداد الجريمة وتتفشى الأمراض في المجتمع كالحقد والسرقة والاغتصاب ويصبح المجتمع أرضاً خصبة للتطرفين الديني والخلقي، كما أن عجلة التنمية تتوقف ويتدهور الاقتصاد وتزيد مساحة الأراضي القاحلة نتيجة توقف الزراعة وإهمالها والابتعاد عنها، وينتشر الفساد وتتجمع الثروات في أيدي طبقة معينة من الناس وتحتكر السلطة السياسية ويتوقف التداول السلمي للسطلة وتختفي الديمقراطية.
الطبقات المجتمعية شئ خطير جداً لا يمكن الاستهانة به خصوصاً إذا انقسم المجتمع إلى طبقتين فقط وهما طبقة الفقراء والأغنياء، لأن ذلك مدعاة لدمار الدول وخراب الإنسان. من بين الطبقات الاجتماعية الطبقة البرجوازية، وهي الطبقة التي تمتلك المال والسلطة والصناعة والحرفية، ظهرت قبل عدة قرون قبل نحو خمسة قرون من الآن، امتلكت الطبقة البرجوازية قدرات هائلة مكنتها من التحكم في مقدرات الشعوب والسيطرة على الإنتاج و نهب خيرات البلاد والسيطرة على المفاصل الحساسة للدولة وأجهزتها الحكومية وكل ذلك إرضاءً لوحش داخل هذه الطبقة سيطر عليها وجعلها تغض النظر عما تعاني منه شرائح المجتمع الفقيرة من فقر وجرائم وأمراض عضوية ونفسية مما أسس لحالة عدم الرضا لدى عامة الناس عن أحوالهم وأوضاعهم وتحولهم إلى أدوات بأيدي الطبقات العليا لجلب الأموال فقط.
تمتاز الطبقة البرجوازية بأنها طبقة غير عاملة، تعيش على ما تحققه من أرباح على حساب باقي الناس وباقي الشرائح. تاريخاً وضعت الطبقة البرجوازية يدها في أيدي الطبقات الدنيا في المجتمع لصنعاة الثورة الفرنسية، وبعد نجاح هذه الثورة وإزالة النظام الحاكم القديم في فرنسا استطاعت هذه الطبقة السيطرة على الدولة و إدارتها عن طريق دعمها لنابليون والجيش، وقمع الطبقات الفقيرة في المجتمع لتنقل بعد ذلك الغضب الشعبي الذي اجتاح فرنسا إلى الدول الأخرى عن طريق الاستعمار والاحتلال مستغلة نفوذها السياسي وتفوقها التقني والعسكري والاقتصادي.
الطبقة البرجوازية واحدة من من عدة طبقات اجتماعية في المجتمعات المختلفة وهي تصنف على أنَّها في قمة الطبقة المتوسطة، فنجد أن من ضمن البرجوازيين التجار والموظفين الكبار في الدولة و أصحاب الحرف والمشاريع الصناعية الذي يتوافر تحت أيديهم عدد من العمال يمتصون عرقهم ويستنزفون جهدهم ووقتهم وعافيتهم لأجل جمع الأموال.