المقومات العشرة للنجاح
هناك مقومات أو مفاتيح عامة للنجاح بأي عمل أو دراسة أو في الحياة بشكل عام، وقد تم التوصل إلى هذه المفاتيح من متابعة ودراسة سير الناجحين من العظماء والمشاهير؛ حيث إنها قد تمت ملاحظة عدد من الصفات العامة التي يتصف بها الناس الناجحون، والتي يمكن تطبيقها على مختلف المجالات، دون أن تكون محددة بجنس أو بعمر أو تعليم عال أو غيره، وهذه المفاتيح مترابطة معا وتشكل هيكلا متماسكا لا يمكن الاستغناء عن أحد أركانه.
الدوافع
يقصد بالدافع القوة التي تدفع الإنسان وتحركه، وهي بالتالي أساس ومنبع كل التصرفات والسلوكيات في حياة الإنسان، وهناك ثلاثة أنواع من الدوافع:
- دافع البقاء: وهو الدافع الذي يولد مع الإنسان ويكون غريزيا وفطريا، فيقترب الشخص الذي يشعر بالبرد من النار والدفء حتى يعيش، ويبتعد عن أماكن الخطر حتى لا يصاب.
- الدافع الداخلي: وهو دافع داخل يأتي من داخل الإنسان نفسه؛ بحيث إنه يريد شيئا بقوة شديدة إلى درجة يصبح فيها هذا الدافع مشابها لدافع البقاء، فلا يمكن تجاهله ولا يمكن العيش دونه، فالعظماء لم يريدوا ما أراده كنزوة أو أمنية، ولكنهم أرادوه كهدف ومعنى للحياة فأصبح هو الحياة نفسها، وعاشوا من أجله وبذلوا كل طاقتهم في سبيله.
- الدافع الخارجي: وهو الدافع الأغلب عند الناس، ومصدره من العالم الخارجي من حولهم، مثل رؤساء العمل أو أحد أفراد الأسرة أو ربما كتاب أو صديق أو مجتمع معين؛ حيث إن أغلب الناس تقوم بما تقوم به بدافع من البيئة الخارجية التي حولها، فيدرس الطالب إذا دفعه زميله المجد للدراسة أو إذا دفعه أهله للدراسة، وتكمن المشكلة في الدوافع الخارجية أنها على عكس الدوافع الداخلية يمكن أن تتلاشى بسرعة بغياب الدافع أو ابتعاده.
الطاقة
الدافع يعطي الإنسان سببا للحركة، كما يعطيه وجها لهذه الحركة، ولكن للحركة أو للسلوك حتى يخرج عن كونه فكرة أو دافعا في الإنسان ويترجم على أرض الواقع بهيئة سلوك وفعل تلزمه طاقة، والطاقة تأتي من عدة مصادر، فيمكن أن تكون طاقة جسدية؛ حيث إن المريض أو العليل يملك دوافع متدنية، على عكس من يمارس الرياضة ويأكل وينام بانتظام ولديه طاقة عالية ونشاط عال وبالتالي دافعية عالية، وهناك أيضا طاقة عقلية تنبع من التفكير الإيجابي، ويمكن ملاحظة من يكون متعبا ونعسا ويستعد للذهاب للفراش، وفجأة يأتيه اتصال بأن "فلان" ممن يحب من الناس قد جاء من السفر، فإذا بالتعب والإرهاق يختفي بثانية واحدة، ويتصاعد الأدرينالين في جسمه وتملؤه الحماسة والطاقة، ويذهب لمقابلته أو استقباله في المطار؛ فالطاقة هنا ليست جسدية ولكنها جاءت من قوة تفكير الشخص ومن عقله نفسه.
المهارة
المهارة تعني استهلاك أقل قدر ممكن من الطاقة للحصول على أعلى قدر ممكن من النتيجة المرغوبة، بمعنى أن الشخص الناجح شخص ذكي، فهو لا يمتلك مقدارا عاليا من الطاقة فحسب ولكنه أيضا طريقة كيف يستخدمها باحسن وأفضل طريقة ممكنة، والشخص الناجح ليس موهوبا وهو لا يولد ذكيا ولكنه شخص يتعلم دائما ودون توقف، وهو يبحث باسمرار عن شيء جديد يتعلمه يقربه من تحقيق هدفه، سواء من خلال التجربة والخطأ أو من كتاب أو من أشخاص أو أية مصادر أخرى.
من أمثلة استهلاك أقل قدر من الطاقة أن شخصا عاديا يحاول إصلاح آلة أو جهاز ما قد يستغرق عدة أيام وهو يفكك ويعيد تركيب ويفكك مجددا حتى يجد العلة، ولكن الشخص العارف بالجهاز قد لا يستغرق سوى خمس دقائق في إصلاحه، لأنه لا يبحث ويسير على غير هدى ولكنه يعلم أين يجد العلة، فيذهب إليها مباشرة ويصلحها.
يمكن ملاحظة المهارة في القيادة إلى مكان معين، فمن يعرف الطرق ووسائل ويعرف موقع الإشارات والازدحام وغيرها يصل بشكل أسرع ممن لا يعرف ويسير بشكل بطي ويقرأ اللافتات والجرائد ويسأل الناس؛ فالشخص الناجح ليس محظوظا ولكنه يلاحظ الفرص ويعرف طريقة كيف يستغلها خير استغلال، في حين أن الشخص العادي لا يلاحظها ويلقي باللوم على الحظ والنصيب.
التصور
الإنسان الناجح دائما ما تكون لديه صورة واضحة في ذهنه عن الهدف الذي يريد تحقيقه، وعن صورة واضحة كذلك عن الطريق الذي يأخذ إلى الهدف، فكل العظماء والناجحين كانت لديهم صورة واضحة جدا عن نجاحهم قبل أن يحققوه، فهم عاشوا الحلم في خيالهم قبل أن يعيشوه على أرض الواقع، وهذا الحلم أو الصورة كانت هي الدافع والطاقة وسبب اكتساب المهارة؛ فعلى سبيل المثال ستجد أن شخصا عاديا يحلم أن يمتلك شركة كبيرة ولكنه لا يعلم ماذا سيكون اسمها أو علامتها التجارية ولا يعلم أين سيكون - أو أين يرغب أن يكون - موقعها وعدد فروعها وعدد موظفيها، ولا يستطيع تخيل الأعمال التي ستقوم بها الشركة وتعرف على ما هى الشركات المنافسة لها، في حين أن الشخص الذي يسير على طريق النجاح لديه صورة واضحة عن كل ما سبق وهو يتخيله كل يوم ويعيشه في أحلامه، وتملأ عليه هذه الصورة كل كيانه وتكون دافعه وطاقته مصدرا لمهارته.
الفعل
الكثير من الناس يحلمون ويتصورون، ولكن الفارق الأكبر بين من ينجح ومن لا ينجح هو العمل؛ فالكثيرون لديهم أحلام كبيرة ولديهم طاقة في داخلهم، ولكن عندما يأتي وقت الفعل يدخل الخوف أو التردد أو الخجل إلى نفوسهم فيتقفون، والبعض الآخر يؤجلون؛ حيث يفكر سأبدأ الأسبوع القادم أو ربما على أول السنة القادمة وغيرها، في حين أن الناجح الحقيقي يبدأ الآن بغض النظر عن كون الظروف ملائمة أم لا، فهو يتعب حتى يجعلها ملائمة ويتغلب على الصعاب، ولا ينتظر أن تتحسن الحياة حتى يحسن نفسه ولكنه يحسن نفسه على الرغم من الحياة ومصاعبها، وكل قصص النجاح تتضمن التغلب على عدد من المشاكل وعيوب الكبيرة، وهي ليست حظا ولكنها فعل يأتي بالحظ.
التوقع
الشخص الناجح يتوقع النجاح حتى ينجح، وهو نوع من التفكير الإيجابي والمتفائل لديه، ويجدر الإشارة إلى أن التفاؤل ليس منطقيا ولا عقلانيا، ولكنه شعور وجداني وإيمان داخلي بأن النجاح حتمي وإن طال انتظاره، فالذي يسير على طريق النجاح يصدق بالنجاح حتى عندما تكون كل الما هى اسباب المنطقية تقول عكس ذلك، لأنه يعلم أن الما هى اسباب يمكن أن تتغير وأنه هو نفسه قد يجد طريقة لتغييرها.
الالتزام
طريق النجاح طريق طويلة وشاقة، وأغلب الناجحين لم ينجحوا خلال سنة أو سنتين ولكنهم ثابروا لسنوات طويلة خلال حياتهم حتى يحصدوا الثمار في نهاية المطاف، والالتزام هو أيضا أحد الفروق الكبيرة جدا بين الناجح وغير الناجح، فكثيرا ما يبدأ الناس بالعلم لتحقيق أعمالهم فلا يرون نتائج خلال فترة معينة فيتوقفون عن العمل ويخبو الحلم ويتلاشى الدافع، ولكن الشخص الذي يسير على طريق النجاح يتوقع النجاح على تأخره، وهو كذلك يستمتع بالطريق إلى النجاح كما يستمتع بالنجاح ذاته، فكل خطوة نجاح صغير في سبيل الاقتراب إلى النجاح الأكبر.
المرونة
الناجح لا يسير في طرق ووسائل مسدودة، فهذا ليس ما يعنيه الالتزام؛ فالالتزام يعني السير نحو الهدف، وهناك طرق ووسائل مختلفة توصل إلى نفس الهدف، والشخص الناجح يالبحث عن احسن وأفضل الطرق ووسائل إلى الهدف وهو يتعلم ويطور نفسه باستمرار - كما في مفتاح المهارة - وقد يجد طرقا جديدة ومبتكرة لعمل الأشياء وللوصول إلى الهدف، فهو مرن ولا يخاف أو يخجل من تغيير الطريق بعد أن يكتشف أنه غير مناسب أن طريق غيره أكثر ملائمة منه، والأهم أنه يلاحظ وينتبه إذا حان الوقت لتغيير الطريق، في حين أن غيره من الناس يظل يسعى ويحاول في نفس الطريق المسدود دون جدوى.
الصبر
الشخص الناجح عادة ما يكون شخصا صبورا جدا، فهو لا يستعجل النجاح وهو كما ذكرت سابقا يستمتع بالطريق المؤدي إلى النجاح كما يستمتع بالنجاح نفسه، والشخص المتسرع نادرا ما ينجح لأنه قد يتسرع بتغيير الطريق أو الأسلوب الذي يتبعه للوصول إلى النجاح وذلك على بعد طرق وخطوات قليلة من رؤية النتائج الأولى، وعادة ما تكون أفعال الشخص العادي مشتتة لأنه يجرب هذه الطريق ولا يكملها.
الانضباط
مفتاح الانضباط يعني أيضا الثبات؛ فأغلب الأشخاص الناجحين لديهم نوع من الثبات في مقدار العمل والطاقة والمبذولة، حيث إن الشخص الذي يسير على طريق النجاح لا يعمل بجد وتملؤه الطاقة لمدة عدة أيام وثم تخبو لتعود مجددا بالظهور لعدة ساعات أو أيام، ولكنه يعمل بثبات وانضباط وبشكل مريح ومتوازن في الأيام خلال الأسبوع والشهر والسنة، فعمله وطاقته ودوافعه ليست متذبذبة، لا تشع وتخفت ولكنها ثابته في الأوقات السهلة والصعبة على حد سواء.