التوكل على الله -عز وجل-
قد خلق الله -سبحانه وتعالى- الكون، وقدّر فيه كل شيء، فلا يحدث أمراً بمحض الصدفة وإنما كل شيء يجري لأجل مسمى، وأمر -جل جلاله- عباده بالتوكل عليه في جميع أمور حياتهم، ولا يحقق هذا الأمر إلا من آمن بصدق، فالتوكل لغةً هو الاعتماد على الغير، واصطلاحاً هو اعتماد القلب على الله في استجلاب المصالح والنأي بالمضار في كل ما يخص أمور الدنيا والآخرة، والثقة الكاملة به -عز وجل- واليأس بما عند الناس، ولا ينافي التوكل على الله الأخذ بالما هى اسباب ولكن لا يكون الاعتماد عليها بشكل رئيسي، ويترافق مع التوكل على الله مفهوم وتعريف ومعنى القناعة، وسيقدم هذا المقال تعريف ومعنى القناعة ومراتبها وآثارها.
تعريف ومعنى القناعة
القناعة لغةً هي الرضا باليسير من الأعمال، وهي مصدر قنِع، ويُقال يقنع قُنوعاً وقناعةً إذا رضي، ويقنع قُنوعًا إذا سأل، والقانع هو الراضي، وسميت قناعة لأن الشخص يُقبل على الشيء وهو راضي به، بينما تعرف اصطلاحًا بأنها الرضا بتعرف ما هو موجود دون التشوق لتعرف ما هو مفقود، وقيل هي الوقوف عند الكفاية، وقد عرفها ابن السني في كتابه القناعة بأنها “الرضا بالنصيب والحظ”، بينما عرفها الراغب في كتابه موسوعة نضرة النعيم بأنها “الاحتواء باليسير من الأغراض المحتاج إليها”، وقال عنها الجاحظ بأنها: “الاقتصار على ما سنح من العيش والرضا بما تسهل من المعاش وترك الحرص على اكتساب الأموال وطلب المراتب العالية مع الرغبة في جميع ذلك وإيثاره والميل إليه وقهر النفس على ذلك والتقنع باليسير منه”.
مراتب القناعة
على الرغم من أن تعريف ومعنى القناعة متفق عليه وموحد تقريبًا ولكنها كأي سلوك انساني لها مراتب ودرجات يصل لها الإنسان بحسب قدرته النفسيّة على التدرّج، وهي بلا شكّ من أعظم ما يحصل عليه الإنسان في حياته، وهذه المراتب هي:
- الرتبة الأعلى: ويصل هذه المرتبة من يرضى بالبُلغة من الدنيا ويصرف نفسه عن التعرض لما سواه.
- المرتبة الأوسط: ويصفها من يرضى بما لديه ويبتعد عن الفضول والزيادة.
- المرتبة الأدنى: ويصلها من يقف على ما سمح فلا يكره من أتاه حتى لو كان كثيراً، ويطلب عندما تعذر حتى لو كان يسيراً
آثار القناعة
مما لاشك فيه أن القناعة من السلوكيات الرائعة في الحياة فلها الكثير من الآثار التي يشعر بها الفرد في حياته اليومية سواء على الصعيد النفسي أو المادي ومن هذه الآثار:
- الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- حق الإيمان والشعور بامتلاء القلب بالثقة والرضا بما قدره الله وقيمه.
- الشعور بالحياة الطيبة والسعيدة والمليئة بالتفاؤل.
- تحقيق شكر الله -سبحانه وتعالى- على نعمه.
- الابتعاد عن المعاصي والذنوب التي تحصل بسبب النظر إلى ما عند الناس، فهذه المشاعر تقود إلى الحسد والغيبة والنميمة والكذب.
- الحصول على الغنى والعز والكرامة، فمن يطمع فهو يشعر بالذل والإهانة.
- تحقيق المحبة والألفة بين الناس وذلك لانتشار الصدق والايثار والابتعاد عن الحسد والكره والبغضاء.