مكانة الوضوء في التّشريع
حرص الإسلام في تشريعاته على إيلاء الطهارة اهتماماً كبيراً، وربط بعض العبادات بالطّهارة، فجعل الوضوء شرطاً في صحّة الصلاة، فلا صلاة لمن لا طهارة له، وكذلك يشترط الوضوء لمن أراد الطّواف بالبيت الحرام، والوضوء ميزة امتاز بها المسلمون عن غيرهم، وجاءتْ كثير من الأحاديث تبيّن أهمية وفائدة الوضوء في حياة المسلم، وللوضوء أركان وسننٌ وآداب ينبغي للمسلم أنْ يحرص عليها، ولكن هل يُعدّ الكلام أثناء الوضوء أمراً مقبولاً، أم لا.
حكم الكلام أثناء الوضوء
- القاعدة الفقهية عند العلماء أنّ الأصل في الأفعال الإباحة ما لم يرد دليل صحيح بتحريمها.
- يجوز للمسلم أنْ يتكلم أثناء وضوءه؛ وذلك لعدم وجود ما يمنع من ذلك شرعاً، فلم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم – أنّه نهى عن الكلام أثناء الوضوء أو أنّ الكلام ينقض الوضوء أو يفسده.
- ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رحّب بأم هاني بنت أبي طالب من وراء حجاب وكان –عليه السلام- حينئذ يغتسل.
- نُقِل عن بعض العلماء قولهم بكراهة الكلام أثناء الوضوء، ولكنّ هذه الكراهة عندهم محمولة على ترك الأولى، وليس المقصود منها الكراهة الشرعية، بمعنى أنّ الأولى ألّا يتكلم المتوضئ حال وضوئه من غير حاجة.
- إذاً الكلام اثناء الوضوء جائز، ولم يأتِ نصّ شرعي بالنّهي، ولكن إذا لم تكنْ هناك حاجةٌ فالأولى تركه خشية أنْ يشغل الكلامُ المسلمَ عن شرط الترتيب في أعمال الوضوء، أو أنْ يترك أو يزيد في أركان الوضوء وسننه.
- يكتفي المسلم بذكر الله تعالى في أوّل وضوءه، وعند الانتهاء من الوضوء يقول: (أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهمَّ اجعلْني من التوابين واجعلْني من المتطهرين).
مسائل هامّة في أحكام الوضوء
- لا يجوز للمسلم أنْ يتكلّم بكلام فاحش أو بذيء أثناء الوضوء، ولا يجوز كذلك كلام الغيبة والنميمة، لأنّه كلام محرّم خارج الوضوء؛ وحرمته أثناء الوضوء أشدّ، لأنّ العبد يستعدّ بالوضوء لأداء الصلاة.
- لا يشترط ستر العورة أثناء الوضوء، ويصحّ وضوءه، لكن يَحسنُ بالمسلم ألّا يكشف عورته إلا لحاجة كالاستحمام، فإذا انتهت الحاجة بادر إلى ستر عورته.
- يكْره الاستعجال في أداء الوضوء خشية أنْ لا يسبغ الوضوء في كلّ أعضائه، فيؤدّي ذلك إلى عدم وصول الماء إلى بعض ما يجب أنْ يصله، وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك حين قال: (ويل للأعقاب من النار).
- يُكره الإسراف بماء الوضوء، فقد رويَ أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مرَّ بسَعد –رضي الله عنه- وَهوَ يتوضَّأُ، فقالَ: (ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ؟ قالَ: أفي الوضوءِ سَرفٌ؟ قالَ: نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ).
ننصحكم بمشاهدة الفيديو التالي الذي يتحدث فيه فضيلة الدكتور بلال إبداح عن حكم الكلام أثناء الوضوء: