جنين
هي إحدى المدن الفلسطينية، تقع إلى الشمال من الضفة الغربية، وهي إحدى مدن المثلث في الشمال، تفصل بين جنين والعاصمة القدس مسافة خمس وسبعين كيلومتراً. تُطلّ مدينة جنين على غور الأردن من جهة الشرق، ومن الشمال تطل على مرج ابن عامر.
سبب التسمية
قامت مدينة جنين على أنقاض مدينةٍ كانت تُسمّى (عين جنيم)، وهي كلمةٌ كنعانية تعني عين الجنائن، وذلك لأنّها كانت محاطة بالجنائن، وذكرت المدينة في التوراة؛ حيث أورد الكتاب بأنّ عين جنيم قد سكنها قوم ينتمون إلى قبيلة (إسحقكر) يطلق عليهم اسم (اللاويون).
يرمز لمدينة جنين في العديد من الكتب القديمة باسم مدينة (جيني)، وذكر المؤرّخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس بأن المدينة هي إحدى مدن السامرة الواقعة إلى الشمال.
نبذة تاريخيّة
كانت المدينة مهيّئةً منذ القدم للاستيطان البشري لما تمتاز به من مظاهر طبيعيّة، بالإضافة لتوافر الماء إلى جانب السهول والجبال والكهوف، وما يؤكّد على هذا الأمر اكتشاف بقايا للإنسان الأول بالقرب من جبل الكرمل المحاذي لجنين.
قبل مئاتٍ من السّنوات التي سبقت الميلاد كانت المدينة محطّةً تجارية بين المدن التالية: مجدو، وبيت شان (بيسان)، ودوتان؛ حيث كانت المدينة تقع في الوسط من المثلث الذي شكلته تلك المدن، وما يؤكد الأمر عدة نصوص وردت في الكتب المصرية القديمة وفي العديد من الوثائق الأشوريّة والبابليّة، وفي التوراة.
أطلق على المدينة سابقاً اسم (باب السامرة)، وتُعرف حالياً باسم سبسطية، وذلك لوقوعها في بداية الوادي المؤدّي إلى مرج ابن عامر وجبال السامرة. ولتحصين المدينة قديماً، أقيمت مدينة بلعام والّتي تُعرف حالياً باسم بعما إلى الجنوب من جنين؛ حيث تُشرف على طريق السامرة.
عُثر في المدينة على أربعة مشاعل طينية الصنع، تعود إلى العصر الفينيقي، وهذا يؤكّد التفاعل بين سكان المدينة في ذلك الوقت وفينيقيا. في العهد الإسلامي تمّ تغيير اسم المدينة؛ حيث تحولت إلى جنين، وذكرها ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان ووصفها بكثرة عيون الماء فيها، وكباقي المدن الأخرى في المنطقة تعاقبت على حُكمها الدولة الأمويّة ومن ثم العباسيّة، وبعد ذلك غزاها الصليبيون؛ حيث قام دوق أدنبرة باحتلالها، فضمّها إلى إمارة بلدوين إلى جانب بيت المقدس.
أثناء احتلال الصليبيين للمدينة قاموا بتغيير اسمها؛ حيث أصبح يُطلق عليها في عهدهم اسم غرين الكبرى، وتمّت إحاطتها بقلاعٍ وحصون متينة، وتمّ الأمر على حاله حتى تحرّرت على أيدي صلاح الدين الأيوبي، وذلك عند تمكّن جنوده من إحداث ثقب في قلعتها، الأمر الذي أدّى إلى سقوط القلعة عليهم.
عادت المدينة لأيدي المسلمين إبّان معركة حطين، وبعد اتفاق الصلح الذي عقد مع الإمبراطورية الرومانية المقدسة، والذي وقّعه الكامل الأيوبي والإمبراطور فردريك الثاني، وبموجبه أعطيت المدينة إلى الصليبيين، لكنّها حرّرت نهائيّاً على أيدي الملك الصالح أيوب في معركة (الحربية) بالتعاون مع الخوارزمية.