روى أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن رسول الله الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون ".
من الحديث السابق يظهر الفضل العظيم للسيدة الكريمة سيدة نساء العالمين السيدة خديجة – رضي الله عنها -، فهي بحسب ما قال رسول الله الأعظم واحدة من احسن وأفضل أربع نساء في الإنسانية كلها، وهذه مرتبة رفيعة لم تصلها أية امرأة مهما كانت، وكل هذا بسبب ما بدر منها وما قدمته لخدمة هذا الدين ولدعم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الوقت الذي تخلّى فيه الناس عنه، أيضاً فهي امرأة عقلها راجح تقية عابدة صادقة تعرف كيف تدير شؤون دنياها بطريقة رائعة، فهي تاجرة كبيرة من أكبر تجار مكة المكرمة، كانت تجارتها تجوب الأرض في ذلك الوقت. وهذا إنما يظهر مدى فضلها ومكانتها في قريش.
ولدت السيدة خديجة أم المؤمنين في مكة المكرمة لبيت من بيوت الأشراف، فأبوها كان خويلد بن أسد وأمها هي فاطمة بنت زائدة، وهي الزوجة الأقرب نسباً إلى الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم -. ولقد كان أبوها خويلد بن أسد واحدة من سادة قريش وزعامائها، وهو الذي وفد – بحسب الروايات التاريخية – مع كل من عبد المطلب وأمية بن عبد شمس على ملك اليمن الشهير سيف بن ذي يزن، حيث قاموا بتهنئته نظراً لتمكّنه من طرد الأحباش خارج أرض اليمن بعد أحداث عام الفيل.
زواجها بالرسول الأعظم
سمعت السيدة خديجة أم المؤمنين بأخلاق النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -، فأرسلت إليه حتّى يَخرج بتجارتها، لِما عرفته عنه من أخلاق حميدة، وأرسلت معه غلامها ميسرة. وبالفعل فقد أدّى الرسول محمد هذه المهمة على أكمل وجه، وربح ضعف الربح الذي كانت تربحه فيما مضى. بعدما رأت السيدة خديجة عظمة الرسول محمد تقدّمت له بالزواج منها، أي عرضت نفسها عليه، وهناك الاختلاف في الطريقة، فالبعض قال أنها عرضت عليه الموضوع مباشرة، والبعض الآخر قال أنّها عرضت عليه الموضوع عن طريق أشخاص وبطريقة غير مباشرة. فشاور الرسول محمد عمه أبا طالب في موضوع خطبة السيدة خديجة، فرحب بالفكرة وذهبوا بصحبة 10 من أكابر بني هاشم وخطبوها من عمها عمرو بن أسد، وكان صداقها 12 اوقية فضة، وتزوجا، وكان عمره حينما تزوج بها 25 عاماً، بينما كانت هي تكبره بـ 15 عاماً، حيث كان عمرها 40.