مما لا شكّ فيه أن مصادر الطاقة تعدّ أمراً أساسيّاً ومهمّاً في حياة الإنسان، ويشكّل الوقود الأحفوري مصدر الطاقة الأوّل المستخدم في الآونة الأخيرة وخاصّةً بعد قيام الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، وتتعدّد مصادر الوقود الأحفوري بين البترول، والغازالطبيعي، والفحم الحجري؛ حيث تشكّل مصدراً مهماً في تشغيل الآلات ووسائط النقل، كما أنّ الإنسان استخدمها لأغراض التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائيّة، والكثير من الأمور، وكانت أوّل مصادر الوقود الأحفوري استخداماً هي الفحم الحجري.
الفحم الحجري
هو عبارة عن بقايا نباتات ميّتة، دُفنت في باطن الأرض دفناً سريعاً، وعلى أعماق كبيرة، وفي بيئة خالية من الأكسجين منذ ملايين السنين، لتصبح بعد ذلك مادةً سوداء أو بنيّة اللون، وذلك نتيجةً لتركز الكربون فيها بشكل كبير جداً، إضافةً إلى بعض العناصر الأخرى مثل: الهيدروجين، والكبريت، والأكسجين، والنيتروجين، والعديد من العناصر الأخرى، ويوجد الفحم الحجري في باطن الأرض على شكل طبقاتٍ أو عروق، وهو مادّة قابلة للاشتعال، وعند احتراقها فإنّها تعطي طاقة حراريّة.
والفحم الحجري من مصادر الطاقة المهمة جداً؛ حيث كان يستخدم للتدفئة، وكان يستخدم بشكل كبير جداً في العهد الذي تمّ فيه اختراع الآلة البخارية كوقود للقطارات التي كانت تشكّل وسيلة نقلٍ مهمةً في ذلك الوقت، كما أنّه مصدر أساسي لتوليد الطاقة الكهربائية في محطّات التوليد في أيّامنا هذه، ومن الجدير بالذكر أن احتراق الفحم ينفث إلى الغلاف الجوي كميّةً كبيرةً جداً من غاز ثاني أكسيد الكربون، والّذي يشكّل خطراً كبيراً على البيئة لأنه المسبب لظاهرة الاحتباس العالمي.
أهميّة الفحم الحجري
الفحم الحجري متعارف عليه في العادة على أنّه مصدرٌ للطاقة فقط، لكن الفحم الحجري له استخدامات مهمّة في الصناعة، ويتم استخدام الفحم الحجري لإنتاج ما يسمى بفحم الكوك الذي يشكل المادة الخام والأساسية في صناعة الحديد والفولاذ، كما يمكن الاستفادة من المواد التي نتجت أثناء إنتاج فحم الكوك من الفحم الحجري في صناعة بعض الأدوية والأصباغ والأسمدة.
وكما ذكرنا بأنّه عند إنتاج فحم الكوك من الفحم الحجري تنتج العديد من المواد المهمّة في الصناعة، وسنذكر هنا أبرز وأهم هذه المواد ألا وهي مادة تدعى بقطران الفحم الحجري.
قطران الفحم الحجري
هو عبارة عن مادة سائلة ذات لونٍ بنيّ أو أسود، وذات كثافة مرتفعة، كما أنّ رائحتها تشبه رائحة النفثالين، وتعتبر هذه المادة كناتج ثانوي من عملية إنتاج فحم الكوك من الفحم الحجري، أمّا بالنسبة لتركيبها الكيمائي فهي تتكوّن من مزيج من الفينولات ذات الوزن الجزئي المرتفع، والهيدروكربونات العطريّة متعددة الحلقات، وكذلك من المركبات الحلقية غير المتجانسة.
ومادة القطران معروفة منذ القدم؛ إذ استخدمها الإنسان قديماً في عمليّات الطلاء، وطلاء الأواني أيضاً، ودهن الحيوانات التي أصابتها بعض الأمراض مثل: الحساسية المفرطة، والجرب، والإصابة من الحشرات، كما استخدمها الفراعنة قديماً في تحنيط الجثث.