النفط
الذهب الأسود أو الزيت الخام، وهو مادة سائلة لزجة، ذات كثافة، تتراوح درجات لونها ما بين الأسود المائل للاخضرار، وتُعتبر مادةً قابلة للاشتعال. يتمّ استخلاص النفط من الطبقات العليا من القشرة الأرضية بطرقٍ خاصّة بذلك، وتتفاوت أنواع النفط وفقاً لمكان استخلاصه واستخراجه فيظهر الاختلاف بشكل كبير في تركيبته، ومظهره.
تدخل في تركيبة النفط مجموعة من المواد تُشكّل بمجملها خليطاً من الهيدروكربونات المعقدة، وتدخل في تركيبتها أيضاً الألكانات الكيميائية والتي تعّد ثمينةً للغاية، وأظهرت إحصائيّات الطاقة العالمية بأنّ النفط من أهم مصادر الطاقة الأولية وأثمنها، وتتربّع الولايات المتحدة الأمريكية على رأس قائمة أكبر الدول المستهلكة للنفط حول العالم؛ إذ تحرق ما يقارب ثمانين مليون برميل بشكل يومي في مختلف المجالات.
من الجدير ذكره أنّ الآونة الأخيرة قد سجّلت تراجعاً ملحوظاً في أسعار النفط؛ حيث عانت أسواق النفط في النصف الثاني من عامي 2014/2015 من كساد في مادة النفط الخام في الأسواق؛ إذ سجّل النفط أدنى مستويات الأسعار خلال ست سنوات وعاد ذلك بالأثر السلبي على اقتصاد الدول المعتمدة عليه بشكل كامل في تغطية نفقاتها، ومن بين هذه الدول فنزويلا؛ إذ تم التوجّه بشكل فعلي إلى خفض عملية إنتاج النفط على الصعيد المحلي والعالمي، إلّا أن السعودية رفضت قرار منظمة الأوبك في خفض الإنتاج العالمي من النفط وواصلت عملها على الشكل المعهود.
نشأة النفط
تعود أصول النفط إلى أنّها بقايا كائنات حيّة تعرضّت للضغط والحرارة العاليتين لمدّة زمنية تَجاوزت ملايين السنين، وتبدأ هذه الكائنات الحية بالتحلّل تحت تأثير ونتائج العوامل الثلاثة السابقة، ويُشار إلى أنّ الغاز الطبيعي والنفط يتمّ إنتاجهما بنفس الطريقة؛ حيث يتواجد الغاز إلى جانب مادة الزيت الخام.
ينشأ النفط نتيجة دفن كميات الكائنات الحية الدقيقة في أعماق المحيطات بعد أن اتسعت رقعة المساحة المائية على سطح الأرض، وتراكمت هذه الكائنات وترسبت تحت الطين والصخور والرمل في أعماق كبيرة جداً تحت الأرض، ومن ثم تبدأ مرحلة تكوين الصخور الرسوبية بفعل الضغط الهائل والارتفاع الذي يطرأ على درجات الحرارة في باطن الأرض، فيتأثر الصخر الرسوبي بعدّة عمليات كيميائية تنتج عنها مادة الكيروجين، وعند تعرّض هذه المادة الشمعية إلى درجة حرارة تصل إلى مئة درجة سيلسيوس تبدأ المكونات بالانفصال، فتنفصل المادة الغازية (الغاز الطبيعي) عن المادة السائلة (الزيت)، وحتى تتحلّل المادة السائلة الزيتية يجب أن يبقى مدفوناً في منطقة ذات عمق أكبر ممّا كانت عليه، كما يجب أن تخضع لدرجات حرارة تتجاوز المئتي درجة حراريّة، فتتعرّض جزيئات المادة للضعف والتفكك وبالتالي تتحلل.
بعد مرور فترة من الزمن تبدأ المكوّنات السائلة والغازية بالانتقال إلى طبقات أعلى من طبقات الأرض من خلال النفاذ من بين مسامات الصخور وشقوقها الدقيقة، وتعزى ما هى اسباب عملية انتقال هذه المكونات إلى وجود الماء أو الوزن الضخم الذي تتصف به الطبقات الصخرية المتواجدة في الطبقة العليا وبالتالي الضغط على الطبقات السفلية فيترسّب الزيت من شقوق الصخر ومساماته.
تتجمع المكونات السائلة (الزيت) والغازية (الغاز الطبيعي) في نوع من الصخر يُسمّى الصخر الزيتي أو الصخر الخازن، ويمتاز هذا النوع من الصخور بخاصيتين تُحفزّ المكونات على الحركة والانتقال خلاله، وهذه الصفات هي وجود المسامات والشقوق الصغيرة والفتحات فيها، والصفة الثانية النفاذية والتي تسمح بمرور السوائل ضمن المسامات التي ترتبط مع بعضها بشكل أفقي حتى تصطدم بطبقاتٍ صخريّة غير قابلة للنفاذ، فتتجمّع كميات النفط تحت صخور مكمنية أو ما يسمى بالمحابس من بينها الأقبية، والمحابس الطبقية، وقباب الملح، والصدوع.
تركيب النفط
يُعتبر خليط الهيدروكربونات المادّة الأساسية المكوّنة للنفط، ويُعتبر هذا الخليط عبارةً عن مركّبات من الهيدروجين والكربون معاً، بالإضافة إلى العناصر الكيميائيّة: الأكسجين، والنيتروجين، والكبريت، ونسبة قليلة من النيكل أو الفاناديوم، وتُشكّل المكوّنات الفلزيّة الأخيرة به ما نسبته واحد بالمئة فقط من النفط ككلّ، كما تدخل الألكانات الكيميائيّة الثمينة في تكوينه وعددها أربعة وهي: ميثان CH4, إيثان C2H6, بروبان C3H8, بوتان C4H10.
مراحل استخراج النفط
- تحديد أماكن تواجد النفط وحقوله: يلجأ الجيولوجيون إلى الاعتماد على عمليّات المسح الزلزاليّة لاستكشاف أماكن حقول النفط، وتحرّي الأماكن الملائمة جيولوجياً لإقامة خزانات للنفط فيها وتكوينها فيها، ويتمّ من خلال هذه المرحلة إجراء تفجيرات تحت طبقات الأرض وانتظار ما تُقدّمه الاستجابة الزلزالية من معلومات حول البنية الجيولوجية للمنطقة المقصودة، ومن الأساليب الأخرى المعتمدة في هذه المرحلة قياس الجاذبية الأرضية، وقياس المغناطيسية.
- حفر الآبار للوصول إلى النفط: تعتمد هذه المرحلة من عمليّة استخلاص النفط واستخراجه إلى حفر آبار للنفط وذلك بإحداث حفرةٍ عميقة وطويلة في أعماق الأرض بواسطة أداة خاصّة تُسمّى منصة النفط؛ إذ يعمل الباحثون على تثبيت أنبوب مصنوع من الفولاذ في الحفرة المصطنعة لإتمام عملية الاستخلاص وتأكيد تكاملية الحفرة الهيكلية، ويبدأ النفط بالمرور عبر هذه الثقوب بعد تثبيتها في قاع البئر واستقرارها في قاعدته، وفي قمّة الحفرة يتمّ وضع ما يعرف بـ "شجرة الكريسماس" المكوّنة من المضخات والصمامات المترابطة مع بعضها البعض للتحكّم بعملية الضغط وتدفق النفط من منابعه.
- استخراج البترول واستخلاصه: وتتضمّن هذه المرحلة خطوتين أساسيتيّن وهما:
- الاستخلاص الأولي: يتم في هذه المرحلة العمل على تحفيز خزان النفط بالاعتماد على مجموعة من الآليات الطبيعية؛ حيث يتم سحب النفط من البئر ووضع الماء الطبيعي مكانه، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة نشر الغاز ورفعه إلى قمة الخزان والتحوّل إلى مرحلة نشر الغاز الذائب في النفط الخام والتخلّص من الجاذبية الناجمة عن تحرك المادة النفطية بين جزئي الخزان العلوي والسفلي حيث الآبار، وتبلغ نسبة الاستخلاص في هذه المرحلة ما بين خمسة إلى خمسة عشر بالمئة.
- الاستخلاص الثانوي: مع تقدم الزمن على عمر بئر النفط يبدأ عامل الضغط بالانخفاض شيئاً فشيئاً حتى يبلغ مرحلةً من الانخفاض تصبح بها قوة الضغط الأرضي غير قادرة على تحريك النفط وقذفه باتجاه السطح، فيلجأ الجيولوجيون إلى استخدام الأساليب الثانويّة للاستخلاص وذلك من خلال حقن خزانات النفط بالماء لرفع قدرته على الضغط وتحفيزها، وتحفيز آبار الغاز الطبيعي على زيادة قوّة الرفع الغازي من خلال حقنها بثاني أكسيد الكربون أو الهواء في أسفل البئر الغازي النشط؛ فتعمل على تقليل مستوى كثافة المادّة السائلة المتواجدة في البئر، وتصل نسبة الاستخلاص إلى ثلاثين بالمئة.
أساليب البحث والتنقيب
- المسح الجيولوجي الطبقي.
- المسج الجيوفيزيائي.
- المسح السيزمي (الاهتزازي، والزلزالي).
- طريقة الجاذبية.
- الطريقة المغناطيسية.
- الطريقة الكهربائية.
- الدراسات الجيوكيميائية.
- الحفر الاستكشافي.
- طريقة تسجيل الآبار.
مشتقات النفط
إن مشتقات النفط مواد تمّ تكريرها واستخراجها من المادة النفطية الخام، وتنتج المشتقات النفطيّة بعد مرور مادة النفط الخام بعمليات التكرير ابتداءً من التسخين ثم التقطير ثم فصل الغازات، ثم مراحل متتالية للخروج بمنتج أو مشتق من أحد مشتقات النفط، ومن أشهر مشتقات النفط:
- البنزين.
- الديزل.
- وقود التدفئة.
- وقود الطائرات.
- الكيروسين.
- وقود السفن والمصانع.
- غازات سائلة وجافة.
- فحم الكوك.
- مادة إسفلتية تُستخدم لتعبيد الطرق.
- زيوت التشحيم.
أهمية وفائدة النفط
- يساعد على رفع المستوى الاقتصادي العالمي.
- ينمي الاقتصاد الوطني.
- يحظى بأهميّة سياسية وحربية واقتصادية كبيرة.
- يعتبر النفط مصدراً نظيفاً للطاقة.
- يدخل النفط في عدة استخدامات كالنقل والمواصلات وغيرها.
- يدخل في الصناعات البتروكيماوية.
- يكتسب أهميّته من سهولة النقل والتخزين التي يمتاز بها.