مقدمة
هناك أشياء قليلة تؤثر على نمو وتكوين طفلك أكثر من النظام الغذائي، وقد أوضحت الدراسات المتكررة أن الأطفال يولدون أكثر صحة عندما تتناول أمهاتهم التغذية الصحيحة أثناء الحمل، وهذا هو السبب وراء ضرورة الاهتمام والانتباه إلى ما تأكلينه، وأن يكون مشتملاً على كل ما يغذّيك أنت وطفلك، ولا يعني الغذاء الجيّد مضاعفة كميات الطعام، وإنما يعني مضاعفة النوعية المطلوبة. نعلم اليوم أنّه لا يستحسن أن تضيف المرأة الحامل إلى وزنها زيادة مفرطة، ولا يجوز كذلك الاكتفاء بالقليل؛ لئلّا تقع في عوزٍ يسيء إلى سلامتها وسلامة الجنين، فالبروتينات هي بمثابة مواد أولية في الجسم تعمل على تكوين الأنسجة وتجديدها، والسكريات تؤمن الطاقة الضرورية، والدهنيات تساهم في تكوين الجهاز العصبي لطفلك، هناك أيضاً الفيتامينات التي تؤمّنها الخضروات والفاكهة، والمواد المعدنية المختلفة، وكلها تلبّي الحاجات الغذائية المتنوعة لجسمك وجسم طفلك.
التغذية الصحية
العنصر الهام في زيادة الوزن عند النساء هو التغذية السيئة، حيث تتجه العادات الغذائية عند النساء من السيء إلى الأسوأ، والقليلات جداً منهن يتغذين بشكل صحيح، وأما المشاكل وعيوب والأمراض الغذائية فهي في تزايد مستمر، لقد أكّدت الأبحاث التي أجريت على النساء والحوامل والأمهات أن تغذيتهن ناقصة، ولا تحتوي على العناصر الغذائية الضرورية، خاصة الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم البشري، لقد تبين أن هذه المشكلة تتواجد في بلدان مختلفة من العالم، كما أنّ النمو والوفيات عند الأطفال في الولايات المتحدة سيّئ بالمقارنة مع العديد من الدول الأخرى (تعتبر الدنمارك من احسن وأفضل بلدان العالم في معدّلات النمو وانخفاض نسبة الوفيات عند الأطفال) لدرجة أنّ نظام التغذية في أمريكا يعتبر الأكثر سوءً في العالم، فهو كثير الدهون والسكريات، كما ويعتمد الأمريكيون على الوجبات السريعة التي لا تحتوي على العناصر الغذائية الضرورية؛ مما يجعل البدانة المشكلة الكبرى في هذا البلد.
إن لنوعية الطعام الذي تتناولينه أهمية وفائدة كبيرة أكثر من كميته، فتناول كمية كبيرة من الأغذية الفارغة (السكريات، الدهون، شوكولاتة) تسبب زيادة كبيرة في الوزن سواء كنت حامل أم لا، فإذا كان هدفك من الحمل الحصول على طفل صحي، وتغذية جيدة، والمحافظة على وزن مناسب وصحي، لا أكثر مما تحتاجين أثناء فترة الحمل ولا أقل، فيفضل أن تتناولي الأغذية الصحية والصحيحة، حيث إنّ التغذية الصحيحة تزود أجسامنا بالعناصر الغذائية الضرورية، وهي: البروتين، والنشويات، والدهون، والفيتامينات، والأملاح المعدنية، والماء، وتزداد الحاجة لهذه المواد أثناء الحمل، وطريقة التغذية الصحيحة أثناء الحمل هي أسهل مما تتصوري، كل ما تحتاجينه هو القليل من التنظيم في تناول الطعام، وبالطبع لا يوجد طعام سحري خاص بالحمل.
البروتين
وهو مادة ضرورية لبناء وترميم أنسجة الجنين، ويصبح البروتين أكثر ضرورة أثناء الحمل؛ وذلك بسبب تشكل أنسجة جديدة. تحتوي الأطعمة الأمريكية على كمية عالية من البروتين، إضافة إلى ذلك، فإن البروتين حيوي للنمو السليم والتطور عند الجنين، إلّا أنّه ليس المصدر المفضل للطاقة، فتناول كميات كبيرة منه تجعلك تشعرين بالخبل والكسل.
تحتاجين إلى حوالي 70-100 غرام من البروتين يومياً في مرحلة الحمل، حيث يفضل أن يشكل البروتين حوالي ربع الكمية الغذائية اليومية، ويصبح البروتين أكثر فائدة في الطعام إذا اشترك مع الخضار أو البقوليات أو مواد نباتية أخرى، كما أنّ للبروتين مصادر أخرى إضافية كاللحوم، والدجاج، والأسماك، والحليب، والبيض، والأجبان، والفول.
إذا كنت من الأشخاص الذين يتناولون الأغذية النباتية فقط، تستطيعين الحصول على الكمية اللازمة لك من البروتين من الأغذية النباتية، والحصول على طفل سليم، ولكن يجب عليك الحذر والتأكد من أنك تتناولين كمية كافية من البروتين، كما يجب تناول كميات كافية من الحليب والبيض، أما إذا كنت لا تتناولين هذه المواد (النباتيون) فيفضل تناول البروتين من النباتات (البروتين النباتي)، حيث يجب تناول كميات كافية من الكالسيوم، كما ويجب التأكد من تناول كميات كافية من فيتامين (B) وفيتامين (D) وحمض الفوليك، أما إذا كان من الصعب عليك تطبيق ذلك فيصبح من الواجب عليك اتباع نظام غذائي صارم ومنظم أثناء فترة الحمل.
الكربوهيدرات
هي المصدر الأساسي للطاقة، وتنقسم إلى قسمين رئيسيين: الكربوهيدرات المعقدة أو المركبة، والسكريات، وتشكل الكربوهيدرات الغذاء الرئيسي الذي يمكنه القضاء على الشعور بالجوع (وليس السكريات والتي يجب تخفيف الكمية اليومية منها)، والكربوهيدرات الجيدة متواجدة في الحبوب، أما الخضار والفاكهة فلا تحتوي على كميات وافية منها، ولكن يجب الحذر من الكربوهيدرات التي قد تتسبب في زيادة الوزن غير المرغب فيه.
الكربوهيدرات المتواجدة في الفاكهة تحتوي على ألياف نباتية تساعد على إبقاء الجهاز الهضمي يعمل بشكل طبيعي، ويجب أن تكون كمية الكربوهيدرات نصف الوارد الغذائي اليومي. تذكري أنه في حالة تناولك كميات كبيرة من الكربوهيدرات فإنّ الكمية الزائدة لا تستخدم من قبل الجسم لإنتاج الطاقة، بل تختزن في الجسم على شكل دهون، وهذه الحقيقة قد تنطبق بشكل أكبر على السكريات كالشوكولاتة، والحلويات، وغيرها من المنتجات السكرية.
الدهون
وهي مصدر مهم للطاقة في الجسم، كما أنّها تساعد على سلامة وظائف الجسم بشكل عام، كما أن الدهون تشكل مصدراً مهماً لبعض الفيتامينات كفيتامين(A) وفيتامين (D)، وتقسم الفيتامينات إلى قسمين: فيتامينات منحلة بالماء، والتي تحتاج إلى الماء لاستقلابها في الجسم، والفيتامينات الدهنية، وهي التي تحتاج إلى الدهون لإتمام استقلابها في الجسم، وبذلك، عليك ألّا تمتنعي عن تناول الدهون بشكل كامل أثناء الحمل، فالطعام الخالي من الدهون ليس بالطعام الصحي، يجب أن تتناولي دهون بنسبة 25% من طعامك في فترة الحمل، كما أنّ تناول كمية كبيرة من الدهون ليس جيداً، حيث يسبب زيادة كبيرة في الوزن، فالدهون المتناولة في الطعام تستعمل في إنتاج الطاقة فقط عندما يكون غذاؤك فقيراً بالكربوهيدرات. حاولي تجنب الدهون المشبعة في الغذاء، والتي يكون منشأها الحيوانات غالباً، والتي تحتوي على كمية كبيرة من الكوليسترول، حاولي تناول الدهون غير المشبعة، والاحسن وأفضل أن تقرأي نشرة المعلومات الملصقة على المنتج الغذائي، ويفضل استعمال الزيوت النباتية وزيت الذرة في عملية قلي الأغذية، كما ويفضل استعمال هذه الزيوت في تحضير الخلطات الخاصة بالأطعمة.
الفيتامينات والأملاح
لا يستطيع الجسم أن يمتص الأغذية بشكل صحيح إذا كان طعامك خالياً من الفيتامينات والأملاح المعدنية، أو كانت كميتها غير كافية، فالجسم يكون غير قادر على امتصاص الدهون، أو البروتينات، أو حتى النشويات أيضاً، إذا كان الغذاء فقيراً بفيتامين (B)، كما أن الزنك يساعد على عملية الهضم، فإذا لم تزودي جسمك بالمادة الضرورية من الفيتامينات والعناصر المعدنية، فلربما تضعي نفسك وطفلك في حالة قد تكون خطرة، كما ستعانين من مشاكل وعيوب في الوزن في مثل هذه الحالات، وهنا لننظر إلى أهم الفيتامينات والعناصر المعدنية التي يتطلبها الجسم البشري، ثم لنرى كيف تزداد الحاجة لتلك المواد أثناء الحمل:
- فيتامين A: يقوم بمقاومة الالتهابات، كما ويمنع تقشر الجلد، وينشط نمو العظام، يتواجد بشكل أساسي في الخضار الملونة (الجزر)، والحليب، والزبدة.
- فيتامين B1: ويسمى الثيامين، يقوم بعمل مهم لتحرير الجسم من ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية التنفس، يتواجد في الحبوب الكاملة (كالقمح، والشعير)، والجوز، والبندق، والبذور.
- فيتامين B2: يسمى الريبوفلافين، وهو ضروري لعملية النمو بشكل عام، وأهم مصادره: الحليب، والبيض، واللحوم.
- فيتامين B3: يسمى النياسين، يساعد على منع حدوث الأمراض، كما يساعد في تحسين الحالة النفسية والعصبية، ويحسن المزاج، ومن أهم مصادره: الحليب، والبيض، والأجبان، والأسماك بأنواعها.
- فيتامين C: أهم مصادره: الفاكهة الحامضة، والخضار، ويساهم في مقاومة الأمراض الناجمة عن الفيروسات كالرشح، كما يساهم في شفاء الجروح، ويقوي جهاز المناعة في الجسم البشري، ويساعده على الانتهاء والتخلص من السموم.
- فيتامين D: ضروري لامتصاص الكالسيوم ونمو العظام، يتواجد بشكل رئيس في سمك التونا، والبيض، والزبدة، والأجبان، كما ويتم تصنيعه في الجلد عند تعرضه لأشعة الشمس.
- فيتامين E: ضروري لعمل الجهاز العصبي اللاإرادي وجهاز الدوران والعضلات اللاإرادية، ويقصد بالعضلات اللاإرادية تلك التي تعمل خارج إرادتنا كعضلات الجهاز الهضمي وعضلات التنفس، ومن أهم مصادره: الحنطة، والزيوت النباتية، والحبوب النباتية الكاملة.
- فيتامين K: ويتواجد في الخضار، والحليب، والرز، والنخالة، والكبد، وهو عنصر ضروري لتخثر الدم.