هو أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان البِسطامِي ولد سنة 188 هـ في بسطام في بلاد خراسان يلقب ب سلطان العارفين وله اسم فارسي " بايزيد " وعرف باسم " طيفور " وكان جده مجوسياً ثم دخل الاسلام . ويعد ابو يزيد البسطامي من أعلام التصوف في القرن الثالث الهجري وقد روى البسطامي عن اسماعيل السدي وجعفر الصادق .
ومن أقواله :
• هذا فرحي بك وأنا أخافك، فكيف فرحي بك إذا أمنتك ؟ ليس العجب من حبي لك، وأنا عبد فقير، إنما العجب من حبك لي، وأنت ملك قدير.
• ما زلت أسوق نفسي إلى لله وهي تبكي، حتى سقتها وهي تضحك.
قصته مع الراهب :
وفي قصة له مع راهب دير سمعان قال أبو يزيد البسطامي رحمه الله :
" كنت يوما في بعض سياحتي متلذذا بخلوتي وراحتي مستغرقا بفكري مستأنسا بذكري إذ نوديت في سري : ياأبا يزيد .. امض إلى دير سمعان واحضر مع الرهبان في يوم عيدهم والقربان فلنا في ذلك نبأ وشان .قال فاستعذت بالله من هذا الخاطر وقلت لست أخاطر .
فلما كان الليل أتاني الهاتف في المنام وأعاد علي ذلك الكلام فانتبهت وأنا أرتجف وأرتعد وعندي من هذا الكلام مايقيم المقعد ، فنوديت في سري :لا بأس عليك أنت عندنا من الأولياء الأخيار ومكتوب في ديوان الأبرار ولكن إلبس زي الرهبان واشدد من أجلنا الزنار وماعليك في ذلك جناح ولا إنكار .
قال أبو يزيد فقمت من باكر وبادرت إلى امتثال الأوامر ولبست زي الرهبان وحضرت في دير سمعان . فلما حضر كبيرهم واجتمعوا وأنصتوا إليه ليسمعوا ارتج عليه المقام فلم يطق الكلام كأن في فمه لجام؟ فقال له القسيسون والرهبان : مالذي يمنعك من الكلام أيها الربان؟ فنحن بقولك نهتدي وبعلمك نقتدي . فقال :ما يمنعني أن أتكلم وأبتدي ، الآن بينكم رجل محمدي وقد جاء لدينكم ممتحنا وعليكم معتدي . فقالوا : أرنا إياه نقتله الآن . فقال :لاتقتلوه إلا بدليل وبرهان فإني أريد أن أمتحنه وأسأله عن مسائل في علم الأديان فإن أجاب عنها وأبان تركناه وإن عجز عن تفسيرها قتلناه وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان . فقالوا له :افعل ماتريد فنحن ما حضرنا إلا لنستفيد .
فقام كبيرهم على قدميه ونادى : يا محمدي ..بحق محمد عليك إلا ما نهضت قائما على قدميك لتنظر العيون إليك . فقام أبو يزيد ولسانه لايفتر عن التقديس والتمجيد . فقال له البطرك : يا محمدي .. أريد أن أسألك عن مسائل فإن أجبت عنها وفسرتها اتبعناك وإن عجزت عن تفسيرها قتلناك . فقال أبو يزيد : سل عما تريد من المنقول والمعقول والله شاهد على ما تقول .
الراهب : أخبرني عن واحد لا ثاني له ؟ أبو يزيد : هو الله الواحد القهار .
الراهب : وعن اثنين لا ثالث لهما ؟ أبو يزيد : هما الليل والنهار لقوله تعالى (وجعلنا الليل والنهار آيتين ) . الراهب : وعن ثلاثة لا رابع لهم ؟ أبو يزيد : هم العرش والكرسي والقلم . الراهب : وعن أربعة لا خامس لهم ؟ أبو يزيد : هم الكتب المنزلة : التوارة الإنجيل الزبور الفرقان . الراهب : وعن خمسة لا سادس لهم ؟ أبو يزيد : هم الصلوات الخمس المفروضة على كل مسلم ومسلمة . الراهب : وعن ستة لا سابع لهم ؟ أبويزيد : هم الستة أيام التي ذكرها الله في قوله تعالى (ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ).
الراهب : وعن سبعة لاثامن لهم ؟ أبو يزيد : هم السبع سموات لقوله تعالى ( سبع سموات طباقا ) .
الراهب :وعن ثمانية لا تاسع لهم ؟ أبو يزيد : هم حملة العرش لقوله تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ).
وظل الرهبان يسألونه ويجيب حتى وصل الى السؤال الاخير
فسأل الراهب :
" أخبرنا أين يكون الليل إذا جاء النهار وأين يكون النهار إذا جاء الليل ؟ أبو يزيد: إنهما يكونان في غامض علم الله تعالى .
أبو يزيد : هل بقي عندكم أسئلة؟ الراهب :لا . أبو يزيد : أخبرني أنت عن مفتاح السموات ومفتاح الجنة ؟ فسكت كبيرهم فقال له الرهبان : سألته عن مسائل كثيرة فأجاب عنها جميعها وقد سألك عن مسألة واحدة فعجزت عن جوابها .
الراهب : ما عجزت .. ولكنني أخاف أن أجيبه عن سؤاله فلا توافقوني .
الرهبان : بل نوافقك ، إذ أنت كبيرنا ، ومهما قلت لنا سمعناه ووافقناك عليه .
فقال الراهب : مفتاح السموات والجنة قول : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فلما سمعوا ذلك منه أسلموا عن آخرهم وخربوا الدير وبنوه مسجدا وقطعوا زنانيرهم وهناك نودي أبو يزيد في سره يا أبا يزيد أنت شددت من أجلنا زنارا وقطعنا من أجلك خمسمائة زنار."