اسمه جابر بن زيد، وقد كان يكنى بأبو الشعثاء، وهو من علماء الأمة ومحدثيهم؛ لما عنده من العلم والفقه، فقد كان من أنجب، وأخص، وأنشط تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه، وقد روى أبو الشعثاء الحديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وأيضا كان قد روى الحديث عن كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلـم ممن شهدوا بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلـم، وقد قال أتباعه وبعض أصحابه برجوع المذهب الأباضي له فقد كان هو من وضع قواعده، وأسسه، وأصوله.
وأما عن ما اشتهر عند عدد من المؤرخين من نسبة الأباضيه الى رجل كان يدعى عبد الله ابن أباض الذي عاش في زمن عبد الملـك ابن مروان، فهي نسبة عرضية كان من سببها: بعض المواقف السياسية، والكلاميه التي اشتهر بها آنذاك عبد الله ابن اباض فنسبت له الأباضية من بعض الأباضيه والأمويين، وقد ظهر استعمالهم لهذه الكلمه وهي الأباضيه في أواخر القرن الثالث الهجري، ثم بعد ذلك تم قبول هذه التسمية تسليما بالأمر الواقع.
وقد ولد جابر بن زيد عام 21 هجري في بلدة صغيرة تدعى فرق في منطقة يطلق عليها (اسم الجوف) في احدى محافظات عمان، وفيها قد نشأ أبو الشعثاء وترعرع قبل أن ينتقل بعد ذلك الى البصرة في العراق؛ لطلب العلم ثم أصبح بعد ذلك واحدا من أبرز علماء نصف القرن الأول الهجري.
وكان من أبرز شيوخ أبو الشعثاء عندما ذهب للبصرة لطلب العلم والمعرفة، وخصوصا ما يتعلق بالقرآن وعلمه، والحديث وأحكامه : فقد أخذ العلم من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ومن بعض الصحابة والتابعين أمثال عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وغيرهم الكثير، وقد اشتهر عنه أنه كان شديد الحرص في طلب العلم فكان يكثر من التنقل في سبيل طلب العلم ،وقد عرف عن جابر بن زيد أنه كان يستغل مواسم الحج للقاء بعض الصحابه والتابعين بغرض طلب العلم، وقد عاش في زمن عمرو بن العاص بن دينار والحسن البصري، وقد كان من أقرب أصدقاء الحسن البصري لدرجة أنه عندما سئل قبل موته عن ما يشتهي فأجاب وقال " اني لأشتهي رؤية الحسن البصري قبل أن أموت " فجيء له به ورآه.
وقد عاصر جابر بن زيد زمن الفتنة بين الصحابة والظروف التى أحاطت بالأمة في ذلك الوقت فقد كان في سن الرشد والادراك في ذلك الوقت: من قتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، ثم موقعة الجمل، وصفين، والتحكيم عندما بدأ ينحرف الخط الاسلامي عن مساره الصحيح، وبدأ آنذاك وفي وقت مبكر يدعو الى القضاء على بدعة الملك أموي، وكان يدعو الى التمسك بالنظام الاسلامي الصحيح وهو نظام الشورى. وقد كان جابر بن زيد من ذوي الأخلاق الفضيلة، فكان من أكثر الناس تواضعا وورعا.