اسمه جابر بن زيد الزهراني الأزدي، يلقب بأي الشعثاء، هو محدث وفقيه، وهو من أئمة تفسيرالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، تلقى العلم عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنه -، وروى الحديث النبوي الشرف أيضاً عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -، كما أنه تلقى العلوم الشرعية عن عدد كبير من صحابة الرسول – صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم – الفضلاء منهم عبد الله بن عمر عبد الله بن مسعود وأبو هريرة و أبو سعيد الخدري و جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وغيرهم، وهو المؤسس الفعلي للمذهب الإباضي حيث أرسى أسس وقواعد وأصول هذا المذهب الإسلامي العريق. وقد نسب المذهب الإباضي لعبدالله بن إباض بشكل عرضي، بسبب بعض المواقف التي اشتهر بها، فنسب هذا المنذهب إليه، وكان أتباع هذا المذهب قبل ذلك يسموا أهل الدعوة أو جماعة المسلمين.
ومن شدة حرصه على العلم كان ينتهز موسم الحج لأجل هذه الغاية فيلتقي بالصحابة والعلماء، وكان محباً للسفر لطلب العلم، كما أنه عاصر عمرو بن دينار والحسن البصري. أما مكانته العلمية فهي عالية جداً فقد قيل في حقه الكثير من الأقوال التي أظهرت مكانته وفضله بين الناس، مها قول عمرو بن دينار: " ما رأيت أحداً أعلم بالفتوى من جابر بن زيد "، وقول أبو نعيم الأصبهاني: " كان للعلم معيناً، وركناً مكيناً، وكان إلى الحق آيباً، ومن الخلق هارباً ".
وجاءت حياة هذا العالم الفاضل خلال الأحداث السياسية التي عصفت بالأمة الإسلامية، وكان واقفاً إلى جانب الحق دائماً، فقد كان مدركاً لما حدث في موقعة الجمل وموقعة صفين وحادثة التحكيم وما سبقها من قتل الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان – رضي الله عنه -، وعندما لاحظ خروج المسلمين عن المنهج القويم في الحكم وما تبعه من أمور مختلفة، انحاز مباشرة إلى الحق ودها إلى ضرورة التمسك بمبدأ الشورى الذي سار عليه الخلفاء الراشدون وارتضاه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قبل وفاته، وهاجم بل ودعا إلى القضاء على الفكرة الملكية التي ظهرت آنذاك على يد الأمويين ولكن ليس كبقية الثائرين، إذ أنه دعا بالهدوؤ إلى فكرته، وتجنب الاحتكاك المباشر مع الأمويين والذي سبب الكوارث لغيره، وكان يدعو دائماً إلى ضرورة تحكيم العقل في مثل هذه الأمور وتغليب المصحة العامة على المصلحة الخاصة. توفي هذا العالم الجليل في العام 93 من الهجرة.