مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، رجلٌ من رجال الفكر، طبيب بشري، أديب وكاتب، من مصر، من أسرة متوسطة، توفي أخوه التوأم ووالده الذي عانى مع المرض. نشأ مصطفى محمود قرب مسجد شهير بتوجهاته الصوفية، اسمه "السيد بدوي" حيث يعتبر من أهم مزارات الحركة الصوفية المصرية، وترك أثرًا واضحًا على تفكيره. درس مصطفى محمود الطب، طب الأمراض الصدرية، لكنّه تفرغ بعد تخرجه للبحث العلمي والكتابة عام ألف وتسعمائة وواحد وستين ميلادية. كان للدكتور مصطفى محمود تجربتين في الزواج، أول تجربة باءت بالفشل بعد أن أنجب آدم وأمل، ثم تكررت تجربته للمرة الثانية وفشلت مجددًا، حيث كان مصيره الطلاق.
كتب أكثر من ثمانين كتابًا تنوعت مجالاتها بين سياسة وعلوم اجتماع وأدب قصصي ومسرحي وقصص رحلات، وكتب علمية وكتب دينية، وكان لكتبه نصيب من الفلسفة أيضًا، ترى فيها إثارة للحواس وتعمقاً بالفكر، وبساطة اللغة.
كان للدكتور محمود برنامج يبث على شاشات التلفاز اسمه "العلم والإيمان" حيث قدم فيه ما يزيد عن ثلاثمائة حلقة، كان له في فعل الخير نصيب أيضًا، حيث بنى مسجدًا في عاصمة مصر "القاهرة" ودعم بثلاث منشآت طبية ذات خبرة وكفاءة، خصوصًا وأنّها تستهدف فئة ذوي الدخل المحدود. بالإضافة لتشكيله قوافل رحمة مؤلفة من 16 طبيب. به 4 مراصد فلكية، كذلك يضم متحف جيولوجيا، يشرف عليه أناس ذوي درجات علمية عالية.
كاد برنامجه التلفزيوني أن يفشل قبل أن يبدأ، ويرجع ذلك لعدم توفر دعم كاف لتمويله ماديًا، حيث أن التلفزيون لم يقدم التمويل المطلوب، لكن أحد المهتمين من رجال أعمال مصر، قام بتمويله على حساب الخاص دون مردود، ليصبح فيما بعد برنامجًا تلفزيونيًا من أشهر البرامج التي عرضت، ولاقت انتشارًا واسعًا، ولا تزال ذكرى البرنامج الذي كان يعرض مساء يوم الإثنين من كل أسبوع عالقة في أذهان الكثيرين. بعد إتمام 400 حلقة متنوعة رائعة، تحمل في فحواها مادة علمية سلسة مقدمة بكل بساطة، ليتلقاها كافة الفئات، صدر أمر رئاسي لوزير الإعلام المصري بإيقاف بث هذا البرنامج، حيث روى ابن الدكتور أنّ القرار صدر بعد ضغط صهيوني.
مصطفى محمود والأزمات الفكرية
لاقى كتابه "الله والإنسان" استياء الأزهر الشريف، والرئيس جمال عبد الناصر، فطلب محاكمته بتهمة الكفر بطلب من الأزهر، لكن نتيجة المحكمة كانت بوقف طبعه ومصادرة النسخ المطبوعة. إلّا أنّ الرئيس التالي أنور السادات أعلمه بأنّ الكتاب قد نال استحسانه؛ فأمر بطباعته مجددًا. ربطته بالسادات علاقة قوية، وعرض عليه الوزارة، إلّا أنه أبى قائلاً: "لقد فشلت في إدارة مؤسسة الأسرة فكيف سأنجح في إدارة وزارة!".
انتقل بفكره من مرحلة الإلحاد والشيوعية والاشتراكية الماركسية إلى الإسلام ثم التصوف وتبني أفكار الصوفية التي لاقى فيها الإجابات التي كان يبحث عنها في كافة التوجهات الفكرية الأخرى.
كانت وفاة الدكتور بعد أن عاش من العمر ثمان وثمانين سنة، في أكتوبر من عام 2009.