من بين سور القرآن الكريم التي نقف عندها بتدبر و تمعن لآياتها هي سورة لقمان و هي سورة مكية نزلت على الّرسول صلّى الله عليه و سلّم في مكة المكرمة ، و سورة لقمان سمّيت بذلك نسبة إلى لقمان الذي ذكر اسمه في آيات سورة لقمان ، لكن من هو لقمان و لماذا يسمى بلقمان الحكيم .
لقمان و هو من الأسماء الأعجمية و لقمان كان عبداً حبشياً من سودان الّنيل ، و هو أسود البشرة ذو شفاه عريضة تنطق بالحكمة و قصير القامة و أنفه أفطس . بالنّظر إلى هذه الصفات و هي صفات العبيد يبدو للوهلة الأولى و يتبادر إلى ذهننا كيف هذا العبد يكون حكيماً، لعل هذه حكمة الله تعالى حيث يشرف بحكمته من يريد و يفضل بها من يشاء و الناس سواسية عند الله و أفضلهم التقي ، لذلك وهبه الله الحكمة للنطق بها و يعلمها للناس ، و لقمان رجل صالح و حكيم و لقب لقمان هو لقمان الحكيم لأن الله تعالى آتاه الحكمة كما قال الله تعالى في سورة لقمان ( و لقد آتينا لقمان الحكمة ) .
كان لقمان حكيماً و ينطق بالحكمة و هو عبد مملوك لأحد الأسياد و كان سيده يعتمد عليه في الكثير من الأمور الصّعبة التي ليس لها حل ، فيأتي لقمان بالحل ، و تعرّض هذا السّيد في يوم من الأيام إلى أحد المواقف الصّعبة فساعده لقمان بالحكمة فقام هذه السّيد بعتق رقبة لقمان ، و تزوّج لقمان و أنجب من الأبناء ، و كان لقمان الحكيم لا يبخل على أبنائه من الحكم و المواعظ و النّصائح التي تعينهم في الحياة و حدثنا القرآن الكريم عن نصائح لقمان الحكيم لإبنه في سورة لقمان كيف يستفيد إبنه و كيف نحن أيضا نأخذ بحكم لقمان الحكيم .
و من وصايا و مواعظ لقمان الحكيم لإبنه هو عدم الشّرك بالله لأنه ظلم عظيم للنفس و هو أول ما أمرنا به الله تعالى في كتابه هو عبادة الله وحده لا شريك الله ، و لقمان الحكيم كان رجلاً مؤمناً يتقي الله و يعبده و يوحده لذلك دعا ابنه أن يكون على دينه و هو توحيد الله عزّ و جلّ، و من الوصايا الأخرى هي الإهتمام بالآباء اي الوالدين ، إذاً بدء لقمان بإصلاح النّفس و هي إطاعة الله ، و من ثم إصلاح المجتمع و هي إطاعة الوالدين بالمعروف و الإحسان إليهم . و يتابع لقمان بوصيته في إقامة الصّلاة و الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر ، الرضى بقضاء الله و قدره و الصّبر على بلاء الله عزّ و جلّ . و من وصايا لقمان لإبنه هي التّواضع يعني التحلي بفضيلة التّواضع و بغض التّكبر و عدم المغالاة و التّفاخر بين النّاس .
