كرّم الله سبحانه الإنسان وجعله في أحسن تقويم، فخلقه بيده ونفخ فيه من رّوحه وأمر الملائكة بالسجود له تكريماً لشأنه وتعظيماً، فالإنسان مكرّم عند الله سبحانه فوجب أن يكون مكرماً في الأرض بين البشر، فلا يحتقره أحدٌ أو يعتدي عليه أحد، له حقوقه الكاملة غير المنقوصة في الحريّة والكرامة والحياة الكريمة وبالمقابل فأنّ عليه واجباتٍ يؤدّيها اتجاه المجتمع وأفراده في جوّ من الألفة والمحّبة، فالله سبحانه خلقنا من ذكرٍ وأنثى وجعلنا شعوباً مختلفةً وقبائل شتى لنتعارف ونتآلف، لا فضل لأحدٍ على أحدٍ إلا بالتّقوى .
و يبدأ تكريم الإنسان منذ خروجه من بطن أمّه وليداً صغيراً، فيستقبل الاستقبال الحسن بإسماعه الآذان فيكون أوّل ما يسمعه هو ذكر الله، ثم يسمّى بأحسن الأسماء فيُختار له اسماً طيباً لأنّه سيحمله معه طول حياته وقد ندب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى تسمية المولود بما عبّد وحمّد من الأسماء مثل عبد الله وأحمد ومحمد، ومن السّنن كذلك أن يقصّ شعره ويتصّدق بوزنه للفقراء والمساكين وكذلك سنّة التّحنيك حيث حنّك الرّسول الكريم أوّل مولودٍ في الإسلام الصّحابيّ الجليل عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه بتمرةٍ وطريقة ذلك أن يمضغ أحد الصّالحين تمرةً ويضعها في حنك المولود الصّغير، ومن السّنن الواردة أن يُعقّ عن المولود أي تذبح عقيقةٌ عنه وو يسنّ التّصدق من لحومها، وكلّ هذا السّنن هي من إكرام المولود .
و إنّ من حقوق الطّفل على والديه حين يكبر ويشتدّ عوده ويبلغ أشدّه هي أن يتمّ تربيته وفق منهاج الله سبحانه وتعالى وأن يعلّم الكتابة والقراءة والقرآن، وكذلك أن ينفق عليه بما قسمه الله للعبد من الرّزق الحلال الطّيب، وأن يحرص المسلم على أن لا يطعم أهله من الحرام فكلّ شيءٍ نبت من السّحت فالنّار أولى به، وكذلك من حقوق الطّفل أن يعيش في أسرةٍ متحابةٍ يسود أفرادها الألفة والطّمأنينة فكم رأينا من نماذج سيئةٍ في عصرنا الحاضر لأولادٍ تربّوا في بيوتٍ كثرت فيها الخلافات والمشاكل وعيوب فشبّوا وقد ترعرعت فيهم الآفات النّفسيّة والأمراض الإجتماعيّة، فالأصل تجنيب الأطفال رؤية الخلافات بين الزّوجين فكلّ الأسر فيها مشاكل وعيوب ولكنّ الحكمة تقتضي أن تكون هذه الخلافات بعيدةٌ عن الأطفال لضمان سلامتهم النّفسيّة مستقبلاً، فالحلّ دائماً هو في الرّجوع إلى الإسلام والنّهل من معينه الطّاهر الذي لا ينضب .