بعد النكبات والويلات التي تعرض لها العالم نتيجة الحروب المدمرة الطاحنة وغير الإنسانية التي حصلت في بدايات القرن المنصرم، من العالمية الأولى إلى الثانية، وبعد تعرض العالم لموجة عنصرية اجتاحته، وهو الوقت ذاته الذي فقد الإنسان فيه كرامته وأصبحت أعداد الجثث تعدُّ عدَّاً مهيناً فقد وصلت الأرقام إلى الملايين. وبسبب ما كان يتعرض له الإنسان المضطهد قديماً عن طريق سيطرة الدول الإستعمارية على موارد الدول الضعيفة كالدول الإفريقية والتنكيل بشعوبها على اعتبار أنَّه لا جدوى من معيشتهم سوى أنَّهم خلقوا لخدمة ورعاية المستعمرين، فكانوا يتعرضون لأشدِّ أنواع التعذيب من ضرب وشتم واغتصاب وبيع وشراء في أسواق العبيد، فمهفوم الاستعباد هذا هو من الما هى اسباب التي وضعت العصي في دولايب عجلة التقدم الإنساني والنهضة الحضارية قديماً، فقد كانت الغطرسة منتشرة في كافة أرجاء العالم مما جعل البشر ينقسمون لقسمين أحرار وعبيد، في حين كان من المفترض أن يكونوا جميعهم أحراراً.
وفي ظل هذه الفوضى التي كانت متفشية بشكل كبير، كان العنصران الأكثر اضطهاداً هما المرأة والطفل، بسبب ضعف البنية وسهولة الاستغلال، فلم تكن هناك قيمة للنساء، تباع وتشترى، تغتصب وتستعبد، لا أحد يكترث بها ولا بمشاعرها ولا بإنسانيتها. أما الأطفال فقد واجهوا الويلات قديماً من بيع وشراء واستعباد وتضييع للإنسانية وسبي و اغتصاب وأمية، وبهذا كانت البشرية تهدر فرصاً كبيرة في التقدم لأن الأطفال هم أمل المستقبل.
لذلك تنبهت الدول في العالم إلى ضرورة حماية الأطفال ورعايتهم وصيانتهم، حتى ينشأ جيلٌ يقود مسيرة المستقبل ويواصل التقدم الإنساني والنهضة المعرفية، فقبل زهاء 26 سنة، قرر قادة دول العالم تحت مظلة الأمم المتحدة، وضع اتفاقية ونصوص قانوينة لحماية الأطفال وخصوصاً من لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، نظراً لما يحتاجونه من رعاية خاصة.
من أبرز مضامين ومحتويات ونصوص هذه الاتفاقية ضمان حق الحياة للأطفال وعدم الاعتداء على كرامتهم سواء بالشتم أو الضرب أو الاغتصاب، وضمان حقهم في التعليم والنمو في بيئة صحية خالية من أية أمراض اجتماعية، كما أعطتهم الحق في الرعاية الصحية، كما أعطته الحماية من كافة أشكال التمييز سواء الأشكال القائمة على الأصل أو اللغة أو العرق أو الدين أو اللون أو أي شكلٍ من أشكال التمييز، كما حمتهم من استغلالهم في العمل وفرغتهم للتعليم فقط، كما أن الاتفاقية لم تنس رعاية الإطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ورعاية وضمان معالجتهم ورعايتهم الصحية وحصولهم على التعليم المناسب وعدم إمتهان كرامتهم وتضييعها.