في ظلّ تداعي الأمم على هذه الأمّة، وتطلّعهم المستمر لنهب ثرواتها والسّيطرة عليها، يهتف الكثير ممّن يؤلمهم الحال الّذي وصلت إليه الأمّة بهتاف أين أنت يا صلاح الدّين، فمن هو صلاح الدّين الأيوبي الّذي بلغت شهرته الآفاق؟ ومن هو هذا الرّجل الّذي خلّدت سيرته في سفر عظماء الأمّة؟
صلاح الدين الأيّوبي
برز نجم صلاح الدّين الأيوبي كواحدٍ من عظماء القادة المسلمين الّذين عرفهم التّاريخ الإسلامي، وقد شهدت مدينة تكريت في العراق مولد هذا البطل الذي هزّ عروش الباطل بسيفه الّذي لم يخش إلّا الله تعالى ولم يهادن الباطل يومًا، فقد كانت سيرة البطل صلاح الدّين الأيوبي سيرةً حافلةً بالعطاء والإنجازات، فقد نشأ وتربّى في بيوت العلم والدّين والأدب، فكانت أخلاقه مثالًا يحتذى به بين أقرانه، وعلى الرّغم من أنّ والده نجم الدين أيّوب كان واليًا للخلافة على بعلبك، وعلى الرّغم من أنّه نشأ في قصر نور الدّين زنكي إلّا أن بهرجة القصور وزينتها لم تغيّر من طبيعته المجبولة على التّواضع وحسن الخلق، وقد برز صلاح الدّين الأيّوبي كقائد عسكري استطاع أن يأسّس نواة الدّولة الأيوبيّة الّتي كانت جزءًا من الخلافة العباسيّة، كما كان له دورٌ كبيرٌ في لمّ شمل المسلمين وتوحيد أمصارهم حين تفرّقت بهم السّبل، فقد وحّد مصر والشّام وأخضع الحجاز واليمن وتهامة لسلطة الدّولة.
ومن بين أبرز إنجازاته القضاء على الدّولة الفاطميّة العبيديّة في مصر والّتي بقيت جاثمةً على صدر المصريّين ما يقارب ثلاثة عقود، وممّا يُعرف بأنّ الدّولة الفاطميّة قائمةً على عقائد باطنيّة وهي عقيدة الشّيعة الإماميّة وتقوم على تقديس الحاكم وإظهار البدع الكثيرة في القول والعمل، فطهّر صلاح الدّين الأيوبي مساجد مصر من أدران البدع، كما قام بإنشاء مدراس تعلّم عقيدة أهل السنّة والجماعة.
إنجازات صلاح الدين الأيّوبي
ومن الإنجازات الكبيرة للقائد صلاح الدّين الأيوبي حربه مع الصليبيين الّذين استولوا على بيت المقدس وعاثوا فيه الفساد، حتّى روى التاريخ عنهم فظائع تندى لها الجبين حين دخلوا بيت المقدس أوّل مرّة فقتلوا مئات الآلاف من المسلمين، وعندما هزم صلاح الدّين الصّليبيين في معركة حطّين الخالدة، لم ير النّصارى منه ما رأى المسلمين من الصّليبيّين؛ إذ سمح لهم بأن يفتدوا أنفسهم ويخرجوا، ومن بقي ممّن لم يتعامل مع الصّليبيّين ويتحالف معهم عامله بالحسنى معاملة أهل الذّمة في الإسلام، وقد كان لصلاح الدّين الأيوبي مكانةً وهيبة حتّى في نفوس أعدائه عندما وجدوا معاني الفروسيّة والأخلاق تتجسّد في شخصه، رحمه الله تعالى رحمةً واسعة .
