كريستوفر كولومبس
ولد الرحّالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس (Christophorus Columbus) في الثاني والعشرين من شهر أغسطس من عام 1451م في مدينة جنوة في إيطاليا، وتلقّى علومه في جامعة بافيا؛ فدرس الرياضيات والعلوم الطبيعية، وكان مستعمراً في ذلك الوقت أيضاً. اقترن اسم كريستوفر كولومبوس باسم أمريكا وذلك لأنّ الفضل يعود له باكتشافها أثناء رحلته الشهيرة التي قام بها في عام 1492، وتوفّي في عشرين مايو من عام 1506م في إسبانيا بعد تعرّضه لوعكة صحيّة وتدهور حالته الصحية.
دخل في صراع طويل مع المرض ومن ثمّ الموت عن عمر يناهز أربعة وخمسين عاماً، وتمّ دفنه دون أيّ مراسم للجنازات التي كانت سائدةً في ذلك العصر، وتمّ تحويل بيته في فايادوليد الذي توفّي به إلى متحف.
رحلة اكتشاف العالم الجديد
انطلق الرحالة كولومبوس برحلته الاستكشافية، فوصل إلى الجزر الكاريبية في الثاني عشر من شهر أكتوبر لعام 1492م، وكانت هذه الرحلة الأولى، أمّا في رحلته الثانية كانت بعد مرور ست سنوات على الرحلة الأولى، فكانت في عام 1498م، وكان في ذلك العام اكتشاف العالم الجديد القارّة الأمريكية، ولكن تُشير بعض الدلالات إلى أنّ هناك ارتباط واتصال بين القارّتين الأوروبية والأمريكية قبل أن يتمكّن كولومبوس من اكتشافها بوقت طويل الأمد.
فكرة الرحلة
جاءت فكرة الرحلة الاستكشافية في بال الرحّالة كولومبوس لعدّة ما هى اسباب من أهمها: تحقيق الشهرة، ومن ثم الثراء على إثرها، وكما كان لتعصبّه للكاثوليكية دافعاً للاستمرار في المضي قدماً للعثور على طريق أخرى غير الطريق التي تعبر بلاد المسلمين، أو بلاد "المحمديين" على حد قوله، وكما دفعته روح المغامرة إلى الخوض في تجربة نظرية علماء عصره؛ حيث أكّدوا بأنّه بحكم شكل الأرض الكروي فإن الوصول إلى قارة آسيا وشبه القارة الهندية لا يقتصر على الرحلات القاصدة الجهة الشرقية بل إنّه من الممكن الاتجاه غرباً أيضاً والوصول إلى هذه القارات، واعتمد في رحلته هذه على أحدث خارطة في ذلك العصر: خارطتين للعالمين باولو توسكانيلي، والألماني مارتين بيكهام.
الاستعداد للرحلة
خاطب كولومبوس مستشار الملك البرتغالي برسالة أرسلها إليه يُخبره عن تمكّنه من برهان كروية الأرض، وأنه يوّد بافتتاح طريق بحري جديد يمّر بميناء وجزر برتغاليا مرفقاً الخريطة الخاصة به، وموضّحاً عليها الطريق البحري المتّجه نحو الغرب، بالإضافة إلى الأماكن التي سيتم اكتشافها لاحقاً على يده، وفي أواخر شهر أبريل من سنة 1492م أبرم كريستوفر كولومبوس اتفاقية مع ملوك الكاثوليك الإسبان، ونصّت على الاعتراف بكولومبوس كمكتشف للجزر والقارات في البحر والمحيط، وكما تعهّدت بمنح كريستوفر كولومبس وفق قرارٍ ملكيّ رتبة أمير البحار والمحيطات، وبذلك يحصل على ما نسبته 10% من الذهب والبضائع التي سيجلبها معه عند عودته دون فرض أيّ ضرائب عليها.
بدأ الاستعداد للرحلة الاستكشافية الثانية، فتمّ تجهيز ثلاث سفن متفاوتة الأحجام:
- سفينة سانتا ماريا: وحملت على متنها طاقماً من البحارة بلغ عددهم أربع وثمانون بحارّاً، وكان يقودها الأدميرال كولومبس، وهي من نوع كارافيل.
- سفينة بينتا: وهي أيضاً كغيرها من سفن الرحلة من نوع كارافيل، وحملت على متنها طاقماً وصل عددهم إلى خمسة وستين قبطاناً، وبلغ طولها حوالي عشرين متراً وعرضها سبعة أمتار، وهي بقيادة مالكها مارتين ألونسو بينسون.
- سفينة نينا: والمسمّى الحقيقي لها سانتا كلارا، وحملت على متنها طاقماً مكوّناً من أربعين بحاراً ويقودها القبطان فيسنتي بانيس بينسون إلى جانب مالك السفينة خوان نبذيه.
رحلة الاكتشاف
انطلقت السفن جميعها محمّلةً بطواقمها، وكانت بداية الاستكشاف، فتمكّن في الثاني عشر من شهر أكتوبر من اكتشاف جزر سان سيلفادور والتي يطلق عليها الآن مُسمّى جزر البهاماس، وبعد مرور ستة عشر يوماً تمكّن البحارة من الوصول إلى كوبا، وفي السادس عشر من شهر ديسمبر لعام 1492م عاودت سفينتان من أصل ثلاثة أدراجها إلى إسبانيا وهما سفينتا بينتا ونينا، واستغرقت مدّة رحلة العودة ثلاثة أشهر حتى رستا في الميناء الإسباني في الخامس عشر من شهر مارس لعام 1493م.
كانت أطول رحلة بحريّة في ذلك الوقت، ومن الجدير بالذكر أنّ رحلات كولومبس قد تكللّت بالنجاح فتمكّن من جلب كميات من الذهب، وكما تمكّن من امتلاك العديد من الجزر التي أطلق عليها اسم الجزر الهندية، وتملّكت الفرحة ملك وملكة إسبانيا بهذا الاكتشاف.
واصل كولومبس رحلته الاستكشافية، وكان دائماً ذا نظرةٍ بعيدة المدى في المزيد من الاكتشاف، وجهّز أسطولاً بحريّاً يتألف من سبع عشرة سفينة تحمل على متنها ألف وخمسمائة بحّار، ومزوّدة بالمُؤن التي تكفي لمدّة تزيد عن ستة أشهر، ولم تفشل هذه الرحلة أيضاً بل تمكّن من اكتشاف المزيد من الجزر الحديثة ومن ضمنها جزر الأنتيل ومن ثمّ البحر الكاريبي الكائن على الجهة الجنوبية لكوبا، وقطع كلّ هذه المسافات سعياً للوصول إلى الهند والبحث عنها.
في عام 1494م حطت سفن كولومبوس في جامايكا والتي مكّنته من الوصول إلى العديد من جزر شرق القارة الأمريكية، وعلى الرّغم من ذلك إلّا أنّه لم يصل إلى الهند حتى هذه اللحظة. أثار مجموعة من العلماء جدلاً حول اكتشاف كولومبوس للعالم الجديد "أمريكا"، واستند جدل هؤلاء العلماء على مخطوطات كان قد خطّها كريستوفر كولومبوس بيده تشير إلى أنّه لدى وصوله أمريكا كان قد عثر على آثار إفريقية، ويشار إلى أنّ إمبراطور مالي كان قد اكتشف أمريكا قبل مئتي سنة من وصول كولومبوس إليها.