انتشرت في الفترة الأخيرة آفةٌ و عادةٌ ذميمةٌ ، استحوذت على عقول شبابنا و استهلكت أموالهم ، بل إنّ كثيراً من الشّباب و الرّجال أصبح لا يستغني عنها بحال ، فتراه معلقٌ بها أيّما تعلّق فربما خرج من بيته ليلاً لا يخرجه لذلك إلا تلك الآفة ، و إنّ فيها لمكوناتٍ يدمن المرء عليها فيصبح و كأنّه عبدٌ لها ، فتراه إذا انقطع عنها و خاصةً في شهر رمضان إستاء لذلك أيّما استياء ، و تراه يغضب من أي شخصٍ يتكلّم معه و لأتفه الما هى اسباب ، فالتّدخين و هو الآفة التي نحن بصدد التّكلم عنها أصبحت تغزو مجتماعتنا بشكلٍ كبيرٍ ، و تغلّلت بين الشّباب و الشّيوخ بل و قد وصلت إلى النّساء و الفتيات الصّغيرات ، و إنّ أخطر ما في الأمر أن يتحوّل الفهم المجتمعيّ اتجاه هذه الآفه ليعتبرها رجولةً و يعدّها من علاماتها ، فبعض الآباء يرى إبنه يدخّن سراً فلا يغضب لذلك ، فمشكلة المجتمع في سوء تربية النّشىء ، فعند تربية الأولاد ينبغي على الأب و الأم غرس الصّفات الحميدة في نفوس أبنائهم و تنفيرهم من كلّ عادةٍ ذميمةٍ ، بل و أن يمثلوا لأبناءهم قدوةً حسنةً في كل خيرٍ و عادةٍ ، فالابن إذا رأى أبوه يدخّن قلّده من غير أن ينظر إلى تبعات فعله هذا ، فالحلّ أساساً يبتدىء من التّربية الصّالحة و التّنشئة السّليمة الواعية المستبصرة .
فمضارّ التّدخين كثيرةٌ ، فعلاوة على ضررها الصّحي الذي لا يغفل عنه إلا جاهل فهي تسبب أنواعاً مختلفةً من السّرطانات و خاصةً سرطان الرّئة ، فإنّ المدخّن يستهلك جزءاً من راتبه لشراء هذه الآفه و كأنّه يحرق جزءاً من ماله فيذهب هباءاً ، فهي و لا شكّ إضاعةٌ للمال لشراء ضررٍ حتميٍّ ، و القاعدة الشّرعية تقول لا ضرر و لا ضرار ، و يحرّم على الإنسان أن يضرّ نفسه فضلاً عن إضرار غيره ، فالنّفس أمانةٌ ، على الإنسان حفظها و تلك من مقاصد الشّريعة ، كما أنّ المدخّن يشتمّ النّاس منه رائحةً كريهةً تنفّر النّفوس فيبتعد عنه النّاس أحياناً لأجل ذلك ، و ربّما و خاصةً إذا كان تعلّقه بهذه الآفة كبيراً أن يتسبّب بمصيبةٍ كبرى فما يحمله في يده شيءٌ يحترق ، فتخيّل لو أنّه سهى مرّةً فنام و هو جالسٌ على كرسيّه يدخن ثمّ سقطت السّيجارة من يده فأحرقت البيت و ربما أحرقت عائلته ، فالتّدخين مصيبةٌ و لا شك و ظاهرةٌ انتشرت كانتشار النّار في الهشيم بل و للأسف أخذت أشكالاً أخرى كالأرجيلة ، و لأجل ذلك حرّم علماء الإسلام التّدخين و حذّروا منه .