طرفة بن العبد
طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد أبو عمرو، من بني قيس بن ثعلبة من بني بكر بن وائل، أحد الشعراء الجاهليين، وأحد شعراء المعلقات، ولد من أبوين شريفين مات والده وهو صغير فكفله أعمامه غير أنهم أساؤوا معاملته وقاموا بنهب حقوقه وحقوق أمه، وهذا سبب لهوه في الحياة، يستمتع بكل ملذاتها متنقلا بين البلاد حتى بلغ أطراف الجزيرة، ومن ثم قفل عائدا إلى قومه راعيا إبل أخيه معبد الذي كان قد غضب منه بسبب لهوه هذا، لكنه لم يبق راعيا لفترة طويله فقد عاد مجددا إلى لهوه وسكره حتى ضاقت قبيلته ذرعا به فحكمت عليه بالابتعاد، قام بتصوير هذا الأمر في إحدى معلقاته بشكل متهكم ساخر؛ بحيث صور نفسه بعيرا مصابا بالجرب حكم عليه بالابتعاد عن قطيعه حتى لا تصاب بالعدوى.
بعد حكم الإبعاد بدأ تجواله في أنحاء الجزيرة العربية، كان يحتمي من المتربصين به بهجائه المهذب، وجراء تجواله هذا قام بتنظيم معلقته الشهيرة التي أوصلته لصف شعراء العربية الأول على الرغم من حداثة سنه وقلة أشعاره. تميزت معلقته التي احتلت سدس ديوانه بحسه الإنساني الفريد من نوعه في عصره (عصر الجاهلية)، كانت نظرته عن الموت والحياة عميقة بحيث شكلت فلسفة شعرية لم يتطرق ووسائل إليها المتقدمون في الشعر من الشعراء.
وصل طرفة إلى الحيرة، فقام بهجاء مليكها (عمرو بن هند) الأمر الذي أوغر صدر الملك عليه، فلم يكتف بهجائه وإنما تباهى بتفوقه بالفروسية على الملك، وأشار إلى شقيقة الملك، أدى كل هذا الأمر إلى غضب الملك من الشاعر الذي لقب بشاعر النزق الملكي، وحكم على طرفة بن العبد بالموت، لكنه خشي من مواجهة طرفة السليط بحكمه، فقام بمراسلة عامله بالبحرين وعمان يأمره بقتل طرفة.
وأرسل الرسالة مع طرفة وخاله المتلمس، وهما في طريقهما التقيا بشيخ تنبأ الشيخ ما تحويه هذه الرسالة، فقام المتلمس الذي لا يعرف القراءة باستدعاء غلام ليقرأ له ما في الرسالة، بالفعل كانت تحوي أمرا من الملك يدعو فيها (المكعبر) إلى قطع يدي وقدمي المتلمس ودفنه حيا، قام على الفور المتلمس بإلقاء الرسالة في النهر، وطلب من طرفة بأن يقرأ الرسالة فرفض الأخير فتحها وقراءتها، بل قام بإيصالها إلى المكعبر، وعندما رأى المكعبر ما جاء في الرسالة أوعز لطرفة بالهرب، وذلك لصلة النسب التي تربطه بالمتلمس، فأبى طرفة الهرب، فقام المكعبر بحبسه، وأرسل لعمرو بن هند رفضه لأمره فلن يقدم على قتل طرفة، فقام الأخير بإرسال رجل من تغلب لقتل طرفة، وعندما جيء إليه بطرفة قال له:
أنا قاتلك فاختر ميتة تهواها! أجابه طرفة: إن كان لا بد فصدني. ومن هنا تم تنفيذ حكم الموت بطرفة، وكان يبلغ من العمر وقتها السادسة والعشرين من عمره، وبهذا تكون معلقته الخالدة الذهبية قد اكتملت بالفعل.
