مُقدمة
قال الله تعالى في كتابِه العزيز، بسم الله الرّحمن الرّحيم (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) صدق الله العظيم، في مرحلة منْ مراحِل عُمرنا لا بُدّ وأنْ نسعى لبناء حياة زوجيّة، حياة تكون جديدة بكافّة أشكالِها، حياة مُختلِفة تماماً عمّا نعيشَها، ونتهيّأ لاستكمال النّصف الثّاني منْ الدّين، لنعيش حياة بعيدة كل البُعْد عما منْ شأنِه أنْ يوقعنَا فيما حرّمهُ الله، وتأتي اللّحظة التي نُقرِر فيها الارتباط والتّحوّل من مرحلة العُزوبية إلى الزّواج، وقتهَا نشعُر أننا ندخُل عالِماً جديداً من الفرح والسّعادة، إنّ الزّواج شَراكة ما بين اثنين ليُعينُوا بعضهم على مُواجهة صُعوبات الحيّاة، إنْ كنت تريد أنْ تجعل حياتِك الزّوجية مليئة بالفرح والسّعادة فعليك باتّباع النّبي محمد صلّ الله عليه وسلم في مُعاملتِه لزّوجاتِه، لأنّ نبي الله خير مُعلّم للبشرية في كافة أمور الحياة، وخير من يُتبع في طُرق مُعاملة الزّوج لزوجها.
إنّ منْ أكرمهُ الله بالزّواج، عليه أنْ يعرِف قيمة ما وهبهُ الله منْ نِعمة كبيرة، فهذه النّعمة هي منْ يتمنّاها الكثير لأهميتّها في استمرار الحياة وارتِقَاء قِيمِها على كافة الأصعِدَة، لذا منْ المُهم أنْ نُهيّئ أنفُسنا لدُخول الحياة الجَديدة والاستِعداد لتحمُل كافة المسؤوليات والبحث عنْ السّعادة ورِضا ربْ العالمين.
إنّ العلاقة الزّوجية هي علاقة قائِمة على الحُبْ والاهتِمام والتّفاهُم، وهي من أقوى العلاقات التي يُمكن أنْ تستمر لأطول فترة زمنية، إن هذه العلاقة لا بدّ وأن تكون مليئة بالإحسان، أي يحسن الزوج لزوجته، فهي لها حقوق لا بُدّ وأن تُعطي لها كاملة ولا ينقص منها شيئاً، إن العلاقة الزوجية يجب أن يكون فيها شيئاً من التنازل لأجل إرضاء الآخر، ومن المؤكد أن حسن معاملة الزوج لزوجته هي طاعة لله، وصدَقة تُقرّبُه من الجنة.
عِشْ بسعَادَة
مُنذُ اللحظة الأولى التي تدخُل بها الحياة الزّوجية لا بُدّ وأنْ تعرف أين أبواب السّعادة لطَرقِها، وكُنْ مُتأكداً أنّ تلك الأبواب لا يُمكِن فتحها لوحدِك، بلْ أنت بحاجة إلى زوجة تُعينك وتُساعدُك لكي يسهُل فتح تلك الأبواب المُقفَلة، إنّ السّعادة في العلاقة الزّوجية ليس بالصّعبة، ولكنْ هناك بعض النّاس منْ يختارون الصُعوبة والتّعقيد فتنقلِب حياتهم لجحيم لا يتحمّلون نارُه، اجعل السّعادة في أبسط الأًمور، في كلمة جميلة أو ابتسامة رقيقة في وجهِ زوجتِك، أسمِعهَا اجمل وافضل الكلام، كُنْ كريماً في أدبِك، وتحمّل هفواتِها، هُنا تكون السّعادة وهنا تكون العلاقة الزّوجية المتِينة.
كُن مُحِباً لزوجتِك، فأسمَى معاني الحُبْ لا تكون إلا بين زوجين جعلوا حُبَهم في الله، اجعل أساسْ العلاقة بينَك وبين زوجتِك قائمة على الحُبْ، ذلك الحُبْ الذي لا يكون مُجرّد كلمة، بل هو ذاك الإحساس الذي يجعلُك تُريد أنْ تفعل المُستحيل لجعل زوجتِك سعيدة، اجعَل قلبِك عامراً بالحُبْ لزوجتِك، فهي المُعينة لك في الحياة وهي القائمة بكل أمور حياتِك التي لا تستطيع إنجازَها وحدَك، فهي تُعينُك فكُنْ لها خير مُعِين، وخيرَ زوج، وخيرَ عِشرَة معك، وخيرَ أيامِها وحياتِها معك.
اهتّم
لكي تعيش حياة سعيدة لا بُدّ وأنْ تجعَل زوجتَك أكبَر وأولى اهتِماماتِك، فالنّساء يبغُضنّ منْ يتركهُنْ ولا يهتِم لأمرِهِنْ، ولنْ تعيش حياة سعيدة بوجُود مَنْ يبغُضُك لذلك كنْ مُهتماً بزوجتِك، استمِع لها وقدّم لها حُلولاً في الصُعوبات التي تُواجِهُها وأعِنْها على تخطّيها، اجعلها تَحِسْ بأنّ أمرَها يهمُك، وإسعادَها هي منْ أولوياتِك، افعل كما كان يفعل رسول الله صلّ الله عليه وسَلّم مع زوجاتِه، فكان يُعاملهُنّ بإحسان ويُسعدهُنّ على الدّوام، ما كان يشتمِهُنْ ولا ينساهن رغم انشغَالاتِه الكبيرة، ورغم كونِه القائد ومُبلَغ الرّسالة واهتمامِه الكبير بقيام الدّولة الإسلامية، كل هذا وأكثر وما كان رسول الله إلا خيرَ زوج لزوجاته، وخيرَ أبْ لأبنائه، فما كان يُقصّر أبداً، ولا يَبخَل أبداً، ويتفَهّم حاجتَهُن، وكان يجعل بيتِه مليء بالسّعادة باللّعب والمُمازَحة مع زوجاته، تعلّم من رسول الله، وتأكّد بأنّك ستحيا حياة جميلة تتمنّى لو أنّها لا تنتهي.
عوّضهَا عن أهلِها
عندما تتزّوج وتأتي زوجتَك إلى بيتِك، تكون قد حُرِمت منْ أغلى الأشياء على قلبِها، مُكان ما عاشَت وترَعرَعَت بينهم، إنّهم أهلها، لا بُدّ وأنْ تعمل كل ما بُوسِعِك لتعوّض الفراغ الكبير الذي في حياتِها بعد أنْ بعدت عن أبِيها وأمها وإخوانِها وأخواتِها، فكُنْ لها كل شيء، كُن أباها وإخوتَها وأمَها وأخواتِها، لا تجعلها تشعُر بأنّها خرجت من مكان اجمل وافضل إلى مكان أفظَع، بل العكس اجعلها تحِس بأنها خرجَت من مكان أجمَل إلى مكان أكثَر جمالاً، وهو بيت الزّوجية، هذا البيت الذي يجب أنْ يكون من بداخِله مُتفاهمين ومُتكامِلين لكي تستمِر الحياة كما يتّمنون.
كُنْ مُتفاهماً
إنّ مشاكِل الحياة كثيرة لا تُعدْ ولا تُحصى، وخاصة المشاكل وعيوب بين أيْ زوجين، حالَها كحالْ أيْ بيت وأيْ عائلة لا بُدّ وأنّ تحدُث بعض المشاكل، وهنا يكون دور الزّوج المُهم إمّا بأنْ يحِل المشاكِل أو يزيدها تَعقيداً، والمشاكل وعيوب الزّوجية لنْ تحِل إلا بالتّفاهُم، ودون ذلك لا يكون إلّا زيادة التّعقِيد، ليس كما يَظُنْ ذوي التّفكير المحدود والأفُق الضّيقَة بأنّ الزّوجة لا تسير باستِقامة إلا بالضّرب والتّوبيخ والشّتِم، هم لا يعلمون بأنّ هذه المُعامَلة لا تجلِب سوى الخرَاب والتّفكُك وبالنّهاية يُمكِن أنْ تصِل الأمور إلى الطّلاق، أنت كزوج لا يجب أنْ تتبّع تلك الأساليب الجّاهِلية مع زوجتِك، فأيْ مُشكلة في العالم مهما كانت كبيرة تُحِلْ بالتّفاهُم والتّراضي، وتذّكر دائماً بأنّك أنت منْ تُحدد الأسلوب في التّعامل مع كافّة المشاكِل الحياتيّة، كُن مُتفهِماً لو وجدت تقصِيراً من زوجتِك، تعامَل بعقلانيّة وهُدوء مع غضبَها، حاول بقْدر الإمكان فهُم نفسيتّها وما يدور في عقلِها وفِكرِها، كما كانْ يفعل رسول الله مع زوجاتِه، فكان يعلَم كيف يُفكِرن ويخوض في عُقولهُن ويستوعِب طبيعة البنية التي خلق الله بها حوّاء.
أحسَنْ عِشرتِك
عندما تّصبح زوجاً، يُصبح لديك الكثير منْ المسؤوليات والواجِبات التي عليك أن تُنجزَها كاملة مُتكامِلة، ويُوجد عندك حقْ لا بُدّ وأنْ تُعطيه لزوجتك ولا تُنْقِص منه شيئاً، كما أنّ لك حقوق ستأخذُها، فمُقابل ذلك لا بُدّ أنْ تُعطي، ولتكون عِشرتِك لزوجتِك جميلة يجب أنْ تُحسِن عِشرتِها، وتكون لها سندَها وحبيبها ورفيق دربِها إلى الجّنة، فحياتك إنْ كانت قائمة على رضا الله فأنت بذلك تسير في الطّريق الصّحيح، تأكّد بأنّ الزّوجة تُحب أنْ ترى زوجها الرّجُل المِثالي الذي تتمنّاه كل فتاة، ذلك الرّجل المُحِب، الكريم، العطُوف، الذي لا يهمُه سوى رضا زوجتِه بعد رضا الله ورضا والدِيه، تذّكَر أنّ الزّوجة تُحب الزّوج الذي يُكرِم لأهلها ويُحبُهم، فكم من العلاقات الزّوجية التي وصلت للطّلاق بسبب سُوء مُعامَلِة الزّوج لأهل زوجتِه، وهذا ما يُبّغِض الزّوجة ويُحدث خللاً في العلاقة، وهذا ما لا يتمنّى حُصولُه إلى زوج، لذلك كُنْ رحيماً بتلك الإنسانة التي قبِلت بك زوجاً وتنازلَت عن كل شيء في سبيل أنْ تكون معك وتعيش الحياة بحُلوِها ومُرِها، صابرة ومُحتسِبة، ولا تنتظِر منك إلا أنْ تُحبَها وتُحسِن عشرَتِك معها، وهذا ما يُرضي الله عزّ وجلْ.