إن من أعظم الحقوق للزوج على زوجته هو طاعته فيما أمر دون معصية اللع سبحانه وتعالى، فواجب الزوجة أن تُطيع زوجها ولا تعصي له أمراً ضمن حدود الله. ومن واجب الزوج أن يُعامل زوجته بالمعروف، فإنها عنده أمانة وليست جارية، لها مثل الذي عليها، فلا يجوز التجبُّر والجوْرُ على الزوجة كونها امرأة، فلا يظنن أي رجلٍ أنه احسن وأفضل منها لكونها رجلاً، بل إن الله جعله قوَّاماً عليها. ولكن في بعض الأحيان حيم يحتدُّ النقاش بين الزوجين؛ وتتملَّك ثورة الغضب أو عنفوان الكرامة من الزوج؛ فإنه يلجأ إلى سلاحٍ خطير وضعه الله سبحانه وتعالى بين يديه، وهو الطلاق. لقد جعل الله عزَّ وجلَّ الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة لأن الرجل أكثر عقلانية من المرأة العاطفية، فيمكن له أن يمسك نفسه عن الطلاق في حالات مُعيَّنة، وهذا من حِكمة الله عزَّ وجل لضمان استمرار الأسرة، فلا ينهار البيت عند أول حادثةٍ تقع بين الزوجين.
قد تصل بعض حالات النقاش بين الزوجين إلى طريق مسدود، فالزوج يريد من زوجته أن تعفل أمراً أو أن تنتهي عن أمر، ولكن عِنادها في تلك اللحظة يمنعها من طاعة أمر زوجها، فيلجأ الزوج إلى حلف يمين بالطلاق إن هي فعلت كذا أو لك تفعل كذا، وذلك كي يجبرها على الفعل أو ينهاها عنه. إن مثل هذا النوع من الأيمان له نوعان، الأول إن أراد من يمينه هو اليمين بعينه، أي أنه لم يكن ينوي الطلاق وإنما الحث على فعل شيءٍ ما أو الحث على عدم فعله، فإن وقع من الزوجة شرط اليمين لم تُطلَّق؛ ولكن وجبت الكفَّارة على الزوج. أما إن كان المقصود هو الطلاق بحدِّ ذاته، فإنه يقع إن تم تنفيذ الشرط حتى ولو دون عِلم الزوج. فمثلاً لو قال زوج لزوجته "أنت طالق إن ذهبتِ إلى بيت أهلك"، ف"إن كان قصده منعها من الذهاب وذهبت؛ تستوجب كفارة اليمين، أما إن قاصِداً طلاقها فذهبت، فيقع الطلاق.
الأمر جداً خطير، فاليمين المُراد به الطلاق لا يمكن أن يُردّ أبداً، بل يبقى قائماً لأنه غير محدود بوقتٍ معيَّن، ولأنّ الهدف من هذا اليمين هو وقوع الطلاق، فكأن الأسرة هنا تقف على قنبلة موقوتة في انتظار انفجارها، وهي من الأمور الخطيرة في حياتنا، ناهيك عن عِظم هذا الأمر كونه حلف بغير الله، وهو يُهدِّد كيان الأسرة واستقرارها وخصوصاً عند زوجٍ اعتاد على مثل الأمر، فالمرأة انسان يا عبد الله، ولها قدرة على الإحتمال ستنفجر بعدها، فلا تستبعد أن يطفح الكيل مع الزوجة وتقوم بتنفيذ شرط يمين الطلاق فقط لمجرَّد أن تُخلِّص مفسها من حياة لم تعد قادرة على عيشها. أمّا اليمين المُراد به تخويف الزوجة من أجل منعها أو حثّها على فعل أمرٍ معين، فإنّ تحقق الشرط فيجب عليه كفارة الحلف باليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كِسوتهم .
