كان النّكاح في الجاهلية يأخذ صوراً مختلفةً ، و إحدى أشكال الزّواج هي أن يخطب الرّجل من يرغب من الفتيات من وليّها و يصدقها مقابل ذلك مهراً ، و هذا النّوع من الزّواج كان يمارسه أشراف العرب ، و هناك صورٌ أخرى للزّواج عرفها العرب و كانت بعيدةً كلّ البعد عن الأخلاق و القيم ، و منها نكاح سمّي بنكاح الاستبضاع ، حيث يرسل أحد الرّجال زوجته بعد استبرائها منه إلى رجلٍ ليواقعها حتّى تحمل منه ، و قد كانوا يمارسون هذا النّوع من النّكاح عند رغبتهم بإنجاب ولدٍ من شخصٍ يعجبون به و يجلّون شأنه ، و هناك صورٌ أخرى هي الزّنا بعينه حيث يجامع المرأة عددٌ كبيرٌ من الرّجال ، ثمّ إذا حملت نادتهم جميعاً و ألحقت مولودها بأحدهم فكان ابناً له .
و قد جاء الإسلام ليبطل عادات الجاهلية كلّها ، و ليؤكّد النّبي على المعاني و الأخلاق السّامية التي كانت عند بعضهم كالصّدق و الأمانة و الكرم و يكمّلها بعاداتٍ و أخلاقٍ جديدةٍ ربطت الإنسان بدينٍ و منهجٍ قويمٍ .
و إنّ النّكاح كما يعلم موجودٌ منذ الأزل ، و هو سنّة الأنبياء جميعاً ، و قد جاء النّبي صلّى الله عليه و سلّم ليحثّ الشّباب على النّكاح ، و يرغّبهم فيع ، لما له من آثارٍ حميدةٍ على الفرد و المجتمع ، فبالزّواج يحصّن المسلم نفسه من الوقوع في المعاصي ، و بالزّواج يستمرّ النّسل و تكثر الأمّة ، و بالزّواج تحفظ الأنساب من الاختلاط و العبث الذي يلحقها من العلاقات المحرّمة التي لا ترضي الله سبحانه .
و قد وضع الإسلام للنّكاح شروطاً و أحكاماً ، فمن شروطه الولي و الشّاهدين ، و الإيجاب و القبول ، و الإشهار ، و قد حثّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم على حسن اختيار الشّريك المناسب ، و جعل أولوية الدّين و الأخلاق مقدمّةً على المال و الجمال و غيرها، و حين يرغب المسلم في خطبة فتاة فإنّه يتقدم إلى وليّها لخطبتها ، فإذا وافقت البنت تمّ الزّواج على كتاب الله و سنّة نبيّه بالإيجاب و القبول ، ثمّ يكون إشهار الزّواج حيث يقام حفل زفافٍ وفق الضّوابط الشّرعيّة و بعيداً عن المنكرات التي شاعت في واقعنا ، و من السّنة أن يولم العريس للنّاس في هذا اليوم .