النَّحل
النَّحل هو حشرة تشتهر بإنتاجها لمادَّة العسل، ولقدرتها على الدِّفاع عن نفسها أو خليَّتها بلسعة مؤلمة. تعيش هذه الكائنات في جَميع أنحاء الكوكب ما عدا قارَّة أنتاركتيكا المُتجمِّدة، وهي تسكن كلَّ البيئات الموجودة على الأرض تقريباً. من المناطق الجبليَّة الباردة إلى الأقاليم شبه الجافَّة وقليلة الغطاء النباتي وانتهاءً بالغابات المطيرة.
قد يبدو النحل مُخيفاً قليلاً بسبب عيشه في جماعاتٍ كبيرة واستماتته الشرسة في الدفاع عن خليَّته، ولكنك - كلُّما تعرَّفت إليه أكثر - ستكنُّ له احتراماً أكبر على الأرجح، فهو يعمل بنظامٍ دقيق جداً ليتمكَّن من إنتاج العسل الحلو واللَّذيذ.[?] يُؤدِّي النحل دوراً جوهريّاً للبيئة، وذلك لأنَّه يُساعد النباتات المُزهرة على التكاثر. تطورياً، ينحدر النحل من نفس السُّلالة التي جاءت منها الدَّبابير، وفي الواقع، فإنَّ الدبابير التي عاشت قي عُصور ما قبل التاريخ كانت لاحمةً وتعيش بلدغ ضحاياها بإبرها السامَّة ثمّ ترك بيضها داخلها، ليتغذَّى صغارها على جسد الضحيَّة المشلولة لاحقاً، وأما النحل فقد تطوَّر ليُصبح كائناً عاشباً، يتغذّى على رحيق الزُّهور.[?]
أنواع النحل
تتفاوت هذه الحشرات في شكلها، فمنها من هو في لونه بنياً أو أسوداً ومُغطَّى بخطوطٍ صفراء أو بيضاء أو برتقالية، وأجسادها دائماً ما تكون مكسوَّةً بطبقةٍ من الشعر، والتي تساعدها على جمع رحيق الأزهار، وهو إحدى الوظائف الأساسيَّة التي تقومُ بها. مع أنَّك قد تعتقد أنَّ كل النحل الموجود في العالم مماثلٌ لـ"نحل العسل"، الذي يظهر كثيراً في الأفلام والمسلسلات وهو المسؤول عن إنتاج مادَّتي العسل والشمع،[?] إلا أنَّ ثمَّة في الواقع أكثر من 16,000 نوعٍ مختلف من النحل في العالم تنتمي إلى تسع فصائل مُختلفة،[?] ومع أنَّ هذه الأنواع لا تصنعُ دائماً العسل اللَّذيذ الذي تحبُّه، إلا أنَّها جميعاً تقوم بعمل مشابهٍ فيما يتعلَّق بجمع رحيق الأزهار.
يُعدّ نحل العسل الأوروبي من احسن وأفضل أنواع النحل بالنسبه للمربّين، وذلك لتميّزه بغزارة الإنتاج. من اللافت للنَّظر أنّ ظاهرة السُّكر عند النحل - كما أسماها العلماء - هي إحدى الظواهر المنتشرة بين هذه الكائنات، وهي ظاهرة تحدثُ عندما يتناول النحل (أثناء رحلته لجمع الرحيق) بعض المواد المخدرة، من مثل الإيثانول (Ethanol)، وتنتج هذه المادة نتيجة لتخمُّر بعض الثمار الناضجة في الطبيعة، فعندما تأتي النحلة وتتناول من هذه المادة تدخل في حالة "سُكْر" تماماً مثل البشر، ويمكن أن يستمر تأثيرها لمُدَّة 48 ساعة.[?]
عدد عيون النَّحلة
في المُجمل، تمتلك كلَّ نحلة خمس عيون على أجزاءٍ مختلفة من رأسها. لدى النحل نوعان مُختلفان من العيون، سنذكرهما في هذا المقال ونذكر خصائصهما واستخداماتهما، ولكلِّ منهما وظائف خاصَّة واستخدامات مختلفة عن الآخر.[?]
العيون المُركَّبة
عدد العيون المركبة للنحل اثنان، وتقع العَيْنان على جانبي رأس النحلة. تتألف العينان المُركَّبتان من بضعة آلاف من الوحدات البصرية الصَّغيرة المُتكرِّرة ذات الأشكال السُّداسيَّة، وتحتوي كلُّ واحدة من هاتين العَيْنَيْن على 6,900 وحدة بصرية أشبه بالعدسة، حيث تجتمع هذه الوحدات في مجموعات، لدى كلِّ منها وظيفة خاصَّة: مثل تمييز الألوان، أو التقاط الضوء القُطبيّ، أو التقاط التحرُّكات التي أمامها،[?] وثمَّة حوالي 150 مجموعة من هذا النوع داخل كلَّ عين. تتخصَّص هاتان العينان برؤية أنماط خاصَّة من الضوء، فهُما قادرتان مثلاً على التقاط الضوء القُطبي، وهو الأمر الذي لا يُمكن لعين الإنسان القيامُ به.[?] وتمتاز هاتان العينان بحساسيَّتهما الشديدة، فهُما قادرتان على تمييز حركاتٍ يفصل بينها جزءٌ من 300 من الثانية الواحدة، ومن باب المقارنة، فإنَّ العين البشريَّة لا تستطيع تمييز حركات يفصل بينها أقلُّ من جزء من 50 من الثانية.[?] يستخدم النحل العيون المُركَّبة عندما يكون خارج الخلية لرؤية المسافات بعيدة، وهي تتّصف بقدرتها على تمييز الألوان التي تميزها عين الإنسان عدا اللون الأحمر. عدد الوحدات البصرية في العين المركبة عند الذكر ضعفُ عدد الوحدات البصريّة التي تؤلف عين النحلة العاملة، ولهذا السبب فإنَّ عيني الذكر ضخمتان جداً، فهذا يُميّز الذكر ويُمكِّنه من متابعة الملكة خلال رحلة طيران الزفاف الملكي.
العيون البسيطة
عدد العيون البسيطة عند النحلة الواحدة ثلاثة، وهي تقع في الجزء الأوسط من أعلى الرأس،[?] وتكون هذه العُيون أصغر حجماً بكثيرٍ من العيون المُركَّبة، وتقع في مثلثٍّ متجاورٍ بين قرني استشعار النحلة. لا تُسمَّى هذه العيون "بسيطة" من فراغ، وإنَّتعرف على ما هى بالفعل أبسط بمراحل ضخمة جداً من العيون المُركَّبة، فلكلِّ واحدة من هذه العيون عدسةٌ واحدةٌ فقط، وهدفها الأساسيُّ (لكن شديد الأهميَّة) هو تمكين النحلة من متابعة مكان الشمس في السَّماء لمعرفة الاتجاه الذي عليها السَّير فيه.[?] تستخدم النحلة العيون البسيطة داخل الخلية لرؤية المسافات القريبة، ولقدرتها الجيِّدة على الإبصار في الإضاءة الخافتة.