{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا- وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {69} [سورة النحل ] .
يعتبر النحل من المخلوقات التي تتصف بالتفرد من ناحية صفاتها المتنوعة ،حيث يظهر الإختلاف في صفاتها عن باقي المخلوقات جلياً من ناحية بناء الخلايا التي تعيش فيها ، توزيع الأدوار في العمل فيما بينها وكذلك الإتقان الواضح في العمل وقدرتها على الدأب المتواصل لتأمين الغذاء، حيث تتصف خلايا النحل بالدقه الهندسية الفائقة والتي يقوم النحل ببنائها على هيئة خلايا سداسية مصنوعة من شمع العسل ،حيث يتم بناء هذه الخلايا وتقسيمها ليلائم كل مكان ما يتم تخزينه فيه, ويوجد ايضاً أنواع برية من النحل تتخذ من الجبال أو جذوع الأشجار بيوتا لها حيث تعيش في المغارات الموجودة في الجبال والثقوب والفتحات الموجودة في جذوع الأشجار.
وقد حبى الله تعالى النحل قدرة على الالبحث عن غذائه لمسافات طويلة والعودة إلى خليته دون أن تخطيء،حيث يستطيع النحل الذهاب لمسافات بعيدة لجمع رحيق الأزهار وباتجاهات مختلفة وعند انتهائه يستطيع العودة لخليته دون الخطأ بأخرى مع العلم أنه عند تربية النحل في المناحل تكون الخلايا متشابهة وقريبة من بعضها ولكن لا يؤثر هذا الأمر على قدرة النحل على تمييز خليته ، وهذا تسييرٌ من رب العالمين حيث منحها صفات معقدة ومهارات وغرائز متفردة تجعل النحل يتميز عن غيره كما في قوله تعالى(فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ) ومعنى الآيه هو أن الله تعالى يذلل السبل للنحل كي لا يضل طريقه.
ويتصف النحل بصفات خلقية عديدة تساعده بالقدرة على جمع الغذاء مثل وجود ما يعرف باسم قرون الإستشعار التي تمنحه حاسة شم قوية تدله على الطريق السليم باتجاه رحيق الأزهار, بالإضافة الى ذلك احتوائها على عيون تستطيع أن تشعر بالأشعة فوق البنفسجية وهذا ما لا تستطيع عيون البشر استخدامه حيث يستطيع النحل من خلالها الاهتداء الى مسالك الرحيق وأماكن وجوده مباشرة في الزهرة, ويوجد نوعين من العيون في النحل وهما العيون البسيطة والعيون المركبة ؛حيث تكون العيون البسيطة موجودة في أعلى الرأس وعددها ثلاثة وتستخدمها داخل الخلية للرؤية وفي أماكن الإضاءة الخافته ، أما العيون المركبة وعددها اثنتان توجدان على جانبي الرأس تستخدم لرؤية الأماكن البعيدة قال تعالى(هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (لقمان:11).
ويستطيع النحل كذلك باستخدام حاسة الذوق أن يميز رحيق الازهار والطعم الحلو فيه ويميز كذلك طعم الماء،ومن الطريف ايضاً أن النحل يمتلك لغة خاصة للتفاهم فيما بينها مثل البشر وتتمثل هذه اللغة بمجموعة من الحركات التي يقوم فيها مثل الرقص وكذلك من خلال اطلاق مواد كيميائية خاصة مثل مادة الفورمون والتي يتم تمييزها من خلال حاسة الشم والتي يتم التقاطها عن طريق قرون الإستشعار .
قال تعالى : ( يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ)
ومن المتعارف عليه أن العسل يختلف في لونه باختلاف مصدره, أي يعتمد لون العسل الذي ينتجه النحل على نوع الأزهار التي يستخدمها النحل في جمع الرحيق منها ويستخدمها في صناعة العسل , وعلى الرغم من هذا الاختلاف الا انه يحتوي على العديد من الخصائص العلاجية التي يستخدمها الانسان لشفاء العديد من الأمراض , ولقد تم إثبات أهمية وفائدة العسل في شفاء الأمراض في العديد من الأبحاث التي بينت صفاته وخصائصه المتفردة .